2 - أن يقصدا به المقابلة بين التمليكين.
في إشكال لزوم اجتماع اللحاظين وجوابه وقد يستشكل فيه: بأنه مستلزم لاجتماع اللحاظين في التمليك: الآلي والاستقلالي. ثم ذكر المستشكل أنه يمكن الفرار عن ذلك بالصلح (1).
والجواب أولا: الفرار بالصلح غير ممكن، للزوم بطلانه لو وقع على محل النزاع، وهو التقابل بين التمليكين، لاستحالة ذلك، أي لا يمكن العمل بهذه المصالحة للزوم المحال، ولو وقع على غير ذلك فمضافا إلى خروجه عنه، لا يختص الفرار بالصلح، بل يصح البيع أيضا.
وثانيا: أن باب الفعل مغاير لباب الألفاظ، فإن الألفاظ وضعت آلة لافهام مداليلها، فمع استعمالها في ذلك ولحاظها مستقلا يجتمع اللحاظان لا محالة، بخلاف الفعل، لامكان لحاظه استقلالا مع كونه آلة لافهام مدلوله بنفسه، فلم يجتمع اللحاظان، مثل أن يشير إلى زيد - مثلا - ويقول: إشارتي كذا. فمع إشارته بلفظ هذا قاصدا حقيقة الإشارة، لا يحصل ذلك إلا بلحاظ المشار إليه استقلالا واللفظ آلة، فلا يمكن لحاظه استقلالا، وأما مع إشارته بالفعل فلا تحتاج حقيقة الإشارة بأزيد من نفس الفعل، فيمكن تعلق اللحاظ به استقلالا. وهكذا في المقام لو قصد التمليك بلفظه لا يمكن لحاظه استقلالا، لأن النظر الاستقلالي تعلق بالمبادلة بين الملكين، ونفس التمليك لوحظ آليا، فلا يمكن لحاظه استقلالا، بخلاف ما لو وقع التمليك بالفعل والاعطاء، فإنه بنفسه تمليك، فيمكن لحاظه استقلالا، ولذا يمكن أن يخبر عنه في مقام الاعطاء: بأن تمليكي كذا مثلا. هذا مضافا إلى أن محل الكلام إنما هو في ما إذا لوحظ التمليك استقلالا، لا آلة.