ففيه أولا: أن فرض تعلق التكليف بالجامع يخرج البحث عن محل الكلام، فإن التكليف بالجامع من الواجب التعييني، والتخيير حينئذ عقلي لا شرعي، على أن الغرض الواحد يوجب وحدة موضوع الأمر، فهذا أجنبي عن مقامنا، فإن هذا ليس من العلة والمعلول في شئ، حتى يجئ فيه ما ذكر في ذلك الباب: من أن الواحد لا يصدر منه إلا الواحد (1)، مع أن الكلام في متعلق البعث في الواجب التخييري، لا متعلق الغرض، ولا ملازمة بينهما في الوحدة والتعدد، كما يرى في عقوبات الحكومات والدول بالنسبة إلى ما يرونه جرما، فالغرض هو العقوبة، ومع ذلك يكون البعث نحو الحبس أو إعطاء مبلغ من المال.
وأما ما أفاده: من أن الوجوب التخييري سنخ من الوجوب، فهذا إشارة إلى المجعول، ونحن لا نريد إلا أنه أي سنخ من الوجوب.
فعلى ذلك لا بد من ملاحظة ما ذكر في المقام من الاشكال العقلي، فلو لم يمكن الجواب عنه فلا بد من رفع اليد عن ظهور الأدلة بتوجيه البعث فيها إلى الأطراف لا الجامع، ولا سيما الانتزاعي منه، وإلا فلا موجب لذلك بعد ما مر من استحالة سراية الحكم من عنوان متعلقه إلى عنوان آخر.
الاشكال العقلي في المقام ودفعه والاشكال العقلي: أن العلم والإرادة من الصفات الحقيقية ذات الإضافة، لا يمكن تعلقهما بالمعدوم، والبعث إلى المعدوم أيضا أمر غير معقول، وفي الواجب التخييري لا يتعلق الوجوب بالفردين على البدل، أي الفرد المردد، لأنه لا وجود له، لأن الوجود مساوق للتعين والتشخص، بل هو هو، فالوجود المردد لا معنى له، فلا