من العكس، فإن معنى ابتعت - كما ذكره هو (رحمه الله) - ليس قبول البيع، بل نقل الملك عن الغير إلى نفسه، فلو قال البائع: قبلت يتم المطلوب، وقوله: بعت بعد ذلك، كقول المشتري: ابتعت بعد إيجاب البائع بمنزلة القبول، فليلتزم بخروج ذلك عن حريم النزاع.
وأما الوجهان لعدم الجواز في الثاني، ففي الأول منهما: أنه خلط بين التكوين والاعتبار، وكلامنا في الثاني، وأنه مع قبول المشتري - مثلا - قبل إنشاء البائع ما ينشئه بعد ذلك، هل يعتبر العقلاء تحقق البيع أم لا؟ وأين هذا من الكسر والانكسار؟!
وأي مانع من قول المشتري: بفروش قبول دارم، ثم يقول البائع: فروختم؟!
وأما الثاني منهما: فمصادرة، فإن لزوم حصول الأثر بالقبول في المعاملة متوقف على لزوم تأخر القبول عن الايجاب، وهذا أول الكلام.
كلام لبعض المحققين في المقام ومناقشته ذكر في المقام بعض المحققين: أن الابتياع والاشتراء ونحوهما تدل على اتخاذ المبدأ، فلو أراد المشتري بقوله: اشتريت - مثلا - اتخاذ المبدأ من الغير يكون من القبول المتقدم، ومطاوعة للايجاب المتأخر، ولا يجوز، ولو أراد بذلك اتخاذ المبدأ من نفسه فليس كذلك، ولا بأس به (1).
وهذا خلط بين المطاوعة المأخوذة في القبول، واتخاذ المبدأ الذي ذكر أنه معنى باب الافتعال، فإن المطاوعة قبول الفعل بالمعنى المصدري، لا المعنى المبدئي، فقول البائع: بعت دال على نقله ملك المشتري إلى ملكه بالعوض، فلو قال المشتري بعده: قبلت معناه: قبلت ما فعلت، وهو نقلك الكذائي، لا قبلت مبدأ النقل. فعلى ذلك لا تكون اشتريت وابتعت ونحوهما متضمنة لمعنى