مسلكنا في هذا الدليل - ظهر مما تقدم (1)، فإن ادعاء عدم الضرر في محيط الشرع لا يمكن إلا بسد جميع أبواب الضرر شرعا، فلا بد من الالتزام بضمان بدل الحيلولة، وإلا يلزم الضرر على المالك، ولا يصح هذا الادعاء.
تتمة الكلام في بدل الحيلولة تقريبان للاستدلال بأدلة الضمان على بدل الحيلولة ومناقشتهما ظهر مما تقدم: أن عمدة الدليل على ضمان بدل الحيلولة، حديث اليد وسائر أدلة الغرامات والضمانات، لا بالتقريب المذكور في كلام صاحب الكفاية: من اختصاص هذه الأدلة بضمان بدل الحيلولة، لوجهين: ظهورها في فعلية الضمان حتى قبل تلف العين، ولا معنى لذلك إلا كون الضمان ببدل الحيلولة، وظهورها في ارتفاع الضمان بأداء العين، ولا معنى لأداء العين بعد التلف، فتختص هذه الأدلة بإثبات الضمان قبل التلف، والضمان حينئذ إنما هو ببدل الحيلولة لا غير (2)، فإن ما ذكرنا من معنى الضمان، وأنه أمر تعليقي، ولا ينافي ذلك ثبوته بالفعل، يدفع الوجهين، كما لا يخفى.
ولا بما قد يقال في تقريب ذلك: من أن إطلاق هذه الأدلة يشمل ما بعد التلف وما قبله، فيثبت ضمان بدل الحيلولة أيضا (3)، فإن الضمان إنما هو ثابت قبل التلف جزما، وإنما هو أمر تعليقي لا بد من ملاحظة المعلق عليه فيه، فإذا كان المعلق عليه التلف، فلا يمكن إثبات ضمان بدل الحيلولة بهذا الاطلاق.