ومنها: صحيحة أخرى للحلبي، حيث سأل عن صلاحية الاحتكار، فأجاب الإمام (عليه السلام) بأنه يكره (1)، والكراهة في كلمات الإمام (عليه السلام) أعم من الحرمة والكراهة المصطلحة وليس لها ظهور في الثاني، وقد ورد في روايات الربا أن عليا (عليه السلام) كان يكره الربا، فلا تكون هذه الرواية موجبة لصرف الروايات الأخرى الظاهر في الحرمة.
ومنها: ما في مجالس المفيد عن أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيما رجل اشترى طعاما فحبسه أربعين صباحا يريد به غلاء المسلمين ثم باعه فتصدق بثمنه لم يكن كفارة لما صنع (2).
وفي هذه الرواية مناقشة من حيث السند والدلالة، أما المناقشة في الدلالة فلأنه لو كان احتياج إلى الطعام كان احتكاره حراما حتى في ثلاثة أيام، وإن لم يكن احتياج إليه لم يكن حراما حتى في ستين يوما، فلا موضوعية للأربعين.
والظاهر أن الرواية راجعة إلى بيان جهة أخلاقية تعبدا، حيث إن الظاهر منها أن المحتكر إنما حبس الطعام بنية السوء، فهي الغلاء من غير أن يكون نظره الاسترباح، وقد حكم الإمام (عليه السلام) تعبدا أن من كان على هذه النية ولم يرجع إلى أربعين يوما فتصدق مجموع الطعام لا يكون ذلك كفارة لما فعل، فتكون الرواية خارجة عن المقام أصلا وناظرة إلى قباحة نية السوء.