أن يقسم مالا في صنف من غير نظر إلى كونهم فقراء أو أغنياء، فأعطاه شخص أن يقسم بينهم، فإنه لا يجوز للأخذ أن يأخذ منه لنفسه حتى مع اتصافه بما اتصف به المبذول لهم، فإنه مال لشخص الباذل، فلا يجوز التصرف فيه إلا بإذنه.
وربما يورد على ما ذكرناه من الجمع بين الروايات بحمل المانعة على الأموال الشخصية وحمل المجوزة على الأموال النوعية، بأن مقتضى صحيحة ابن الحجاج في رجل أعطاه ليقسمه في المساكين وله عيال محتاجون أيعطهم منه من غير أن يستأذن صاحبه، قال: نعم (1)، هو جواز أخذ المعطي له لنفسه، سواء كان من مال نفسه أو من الأموال النوعية، وبهذا الاسناد ما يدل على عدم الجواز إلا بالإذن عن صاحبه، فيقع بينهما المعارضة فتسقطان لذلك، فيرجع إلى العمومات الدالة على عدم الجواز.
فإنه يقال: إن مقتضى رواية أخرى لابن الحجاج المذكور في باب الزكاة هو الجواز في الصدقة، فإنه قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يعطى الدراهم ليقسمها ويضعها في مواضعها، وهو ممن تحل له الصدقة، قال: لا بأس أن يأخذ لنفسه كما يعطي لغيره - الخ (2)، فبهذا نقيد الصحيحة الثانية الدالة على عدم الجواز مطلقا، فتكون الصحيحة الثانية أخص من الصحيحة الأولى، كان بمقتضى انقلاب النسبة، فنخصص بها الصحيحة الأولى، فتكون النتيجة أن في الأموال الشخصية لا يجوز إلا بإذن المالك وفي الأموال النوعية يجوز.
وحمل الروايات المجوزة على الأموال النوعية كالوجوه الشرعية