للأول لأن الكلي المبيع ثانيا إنما هو مشاعة في مال البايع، وهو ما عدا الصاع من الصبرة، فإذا تلف ما عدا الصاع فقد تلف جميع ما كان الكلي فيه ساريا، فقد تلف المبيع الثاني قبل القبض، وهذا بخلاف ما لو قلنا بالإشاعة.
وقد قواه شيخنا الأستاذ وقال: إن الباقي ينطبق على ملك المشتري الأول ويجري حكم تلف المبيع قبل قبضه بالنسبة إلى صاع المشتري الثاني، لأن الصاع الثاني يسري كلية إلى ما عدا الصاع الأول، وهذا بخلافه على الإشاعة.
ولكن التحقيق أن الباقي لا ينطبق عليه ملك المشتري الأول، وتوضيح ذلك:
إنا ذكرنا في مبحث علم الاجمالي من الأصول أن الصفات الحقيقة الموجودة في أفق النفس يصح أن تتعلق بالعناوين الجامعة للأفراد المتشتتة، وقابلة الانطباق على كل واحد منها على سبيل البدلية من غير أن يكون لنفس العنوان الجامعي واقعية في الخارج بل واقعيته بنفس الاعتبار، بمعنى أن المعلوم ليس أمرا معينا في الخارج بحيث ينكشف بعد العلم كونه معلوما في الخارج، بل المعلوم هو الأمر الاعتباري الجامع بين الأفراد والمنطبق عليها على سبيل البدلية.
مثلا إذا علمنا بنجاسة أحد هذين الكأسين فالصفة النفسانية قد تعلقت بالعنوان الجامع بين الكأسين أعني عنوان أحدهما، بحيث إنه قابل الانطباق على كل فرد منهما على سبيل البدلية، من غير أن يكون لهذا العنوان واقعية أصلا في الخارج، بل قوامه بانطباقه على الأفراد، فإذا علمنا بعد ذلك أن النجاسة إنما هي موجودة في الكأس الشرقي دون الغربي فلا ينكشف من ذلك أن الكأس الشرقي من الأول متعلق لهذا العلم.