فحينئذ وإن كان المورد لرواية سليمان كثيرا، ولكن لم يبق لرواية ابن وهب إلا قليل، فإن أكثر الأراضي لو لم يكن كلها إنما هي مملوكة بغير الاحياء فعلا.
فإذا أخرجنا الأراضي المملوكة بغير الاحياء عن تحت رواية ابن وهب برواية سليمان وقلنا بأنه لا بد في ذلك من رد حق المحيي الأول لكان الباقي تحت رواية ابن وهب الأرض المملوكة بالاحياء الذي يكون سببا قريبا للتملك، بحيث كان تملك المالك لها بالاحياء وصارت خربة عن التملك بالاحياء، من دون تعلق البيع والشراء عليها، ومثل ذلك لا يوجد إلا قليل.
وبالجملة أن هذا الجمع إنما استلزم لحمل أحدي الطائفتين على المورد النادر، فهو غير مرضي كما لا يخفى.
2 - وهو العمدة، هو أنا ذكرنا في باب التعادل والتراجيح أنه إذ ورد مطلق أو عام ثم ورد خاصان أو مقيدان وكان بين الخاصتين عموم مطلق جاز تخصيص العام أو تقييد المطلق بكلا الخاصين الذين بينهما عموم مطلق لعدم التنافي بينهما، مثلا إذا ورد أكرم العلماء ثم ورد لا تكرم العاصين منهم، ثم ورد لا تكرم المرتكب للكبائر، فلا شبهة في تخصيص العام بكل من الخاصين، إذ لا تنافي بينهما بوجه.
ومقامنا من هذا القبيل، فإن روايتي سليمان بن خالد والحلبي عام من جهة أن الأرض الخربة التي جاءها المحيي الثاني أعم من أن تكون مملوكة بالاحياء أو بغير الاحياء فصارت خربة، وأن كونها خربة أعم من أن تكون مستندة إلى تركها وخرابها كما في روايتي الكابلي وابن وهب، أو كانت الخربة بالقهر والاضطرار، كمنع الغاصب والجائر، وجريان السيل واتيان المطر وعدم قدرته على الاشتغال، ونحوها من الموانع،