وفي ذيل رواية مسمع بن عبد الملك: إن الشيعة في حل في تلك الأراضي وليس فيها عليهم خراج إلى أن يقوم القائم (عليه السلام) فيضرب عليهم الخراج فيها.
فلو كان الاحياء موجبا للملكية فتكون تلك الأراضي كسائر الأملاك الشخصية، فهل يتوهم أحد أن الإمام (عليه السلام) يضرب الخراج لها على الملاك أو يأخذها من يد غير الشيعة.
فكل ذلك دليل على عدم حصول الملكية للأراضي الميتة بالاحياء، وإنما الثابت لهم في ذلك مجرد حق الأولوية والاختصاص بحيث لا يزاحمهم غيرهم في ذلك.
لا يقال: إنه لا شبهة في جواز بيع تلك الأراضي، كما في الأخبار الدالة على اشترائها من ذمي، فلو لم تكن ملكا فلا وجه لجواز البيع.
فإنه يقال: نعم لا شبهة في جواز البيع، ولكن لا يدل ذلك على كونها ملكا للمحيي، بل يبيع منها ما ثبت له من الحق فيها، فإن البيع كما عرفت هو التبدل بين الشيئين بحيث يقوم كل منهما مقام الآخر في جهة الإضافة، ففي المقام يقوم بالمبادلة كل من العوض والمعوض مقام الآخر، فالعوض هو الثمن والمعوض هو الحق الثابت في تلك الأرض كحق التحجير وحق الجلوس، كما هو المرسوم في اليوم في الدكاكين المسمى في الفارسية بسرقفلي، فجواز البيع من هذه الجهة.
ومما ذكرناه انحل الفرع المبتلى به كثيرا، وقد سئلنا عنه مرارا، وهو ثبوت الخمس في نفس الأرض الموات بعد الاحياء، إذا كان الاحياء للتجارة دون مؤونة نفسه وعياله، فإنه على ما ذكرناه لا خمس في نفس الأرض لعدم كونه ملكا للمحيي ليدخل تحت المنافع الحاصلة يوما فيوما، بل يثبت الخمس في منافعها بعد مضي الحول، كما هو واضح.