فإن هذا البيع من حيث المجموع صحيح، كما إذا كان كليهما لنفسه، وعلل بعضهم ذلك بأن كل جنس يقع في مقابل الجنس الآخر، إلا أنه علل بعد الوقوع فلا بأس به، فإذا رد المالك البيع في الدينار فما يقع من الدراهم بعد التقسيط في مقابل الدرهم أكثر منه فيلزم الرباء.
ومثلوا للثاني ما لو باع عبد الآبق لنفسه مع عبد غير الآبق، فرد المالك البيع في مملوك نفسه فيكون بيع نفسه أيضا باطلا لتمحض البيع بالآبق، فهو باطل للجهالة ولزوم الغرر، فإن بيع الآبق إنما هو مخصوص بصورة الضميمة فقط فلا يصح في غير هذه الصورة، ومن هنا لا يصح إجارة الآبق مع الضميمة أيضا.
ولنا في ذلك كلام حاصله، أنك عرفت أن اتحاد البيع بحسب الصورة والانشاء لا يضر بتعدده واقعا، وعليه أن بيع دينار غيره مع درهم نفسه لا يخرج المعاملة عن الربوية على تقدير الامضاء أيضا، كما أن ضم عبد غيره بعبد نفسه الآبق لا يخرج بيع العبد الآبق عن كونه بيع آبق بلا ضميمة لفرض تعدد البيع مع الانحلال، إذن فيكون البيع ربويا من الأول وبيع آبق من الأول.
نعم ثبت جوازهما فيما إذا باع عبد نفسه مع عبده الآبق فإنه ثبت جوازه شرعا بنص خاص، وإلا فمقتضى القاعدة كان عدم جوازه للغرر.
ومن هنا لا يصح إجارة الآبق مع الضميمة كما تقدم، وكذلك ثبت شرعا جواز بيع مجموع الدرهم والدينار الذين لنفسه بمجموع الدرهم والدينار الذين أكثر من ماله، فإن جواز ذلك ثبت بدليل خاص، وأما لو باع مال غيره كذلك فلا مخرج لذلك عن محذور الربا لكونه منحلا مثل العام الاستغراقي إلى الأفراد العديدة، وإن كان بينهما فرق من جهة يأتي في الجهة الثانية.