وبالجملة: إن التعبد برفع الاكراه أمر، وتنزيل ما ليس بإكراه منزلة الاكراه أمر آخر، ولا يمكن إثبات الثاني بدليل الأول، كما هو أظهر من أن يخفى.
وهكذا الكلام بالنسبة إلى نصوص طلاق المكره ومعاقد الاجماعات.
ثم ذكر بعد هذا: وربما يستظهر من بعض الأخبار: عدم اعتبار العجز عن التفصي بوجه آخر غير التورية أيضا في صدق الاكراه، مثل رواية ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: لا يمين في قطيعة رحم، ولا في جبر، ولا في إكراه.
قلت: أصلحك الله، وما الفرق بين الجبر والاكراه؟
قال: الجبر من السلطان، ويكون الاكراه من الزوجة والأم والأب، وليس ذلك بشئ (1) (2).
أقول: وجه استدلاله بهذه الرواية إمكان التفصي من إكراه الزوجة والأم والأب غالبا، ولكنه قد لا يمكنه التفصي عن ذلك أيضا، لما ذكرنا سابقا: من أن الاكراه يصدق في غير مورد قهر القاهر أيضا، مثل الزوجة - مثلا - كإلزامها زوجها بفعل، وإلا لفعلت ما لا يليق بشأنه، وتهتك عرضه مما لا يمكن للزوج التفصي عنه، فيمكن أن يكون معنى الاكراه في الرواية ذلك.
وبالجملة: إن إثبات المفهوم بالرواية غير صحيح، بل لا بد من إثبات موضوع الرواية بما يستفاد عرفا من اللفظ، مضافا إلى أن الجبر لا يباين الاكراه مفهوما، بل هو أيضا إلزام من الملزم، غاية الأمر أنه من القاهر، والاكراه مفهوما أعم من ذلك، فالتعبد في مورد الاكراه يغني عن التعبد في مورد الجبر، بل التعبد الأخير يصبح لغوا محضا.
فيصير معنى الرواية: أنه لا يمين في مورد الاكراه بلا فرق بين مورد الجبر