ولو تمسكنا بالآية، وقلنا: بأن الرضا أمر وجودي قائم بنفس المالك، وهو مفقود في عقد المكره، فنحكم بالبطلان في ذلك. ويجئ تمام الكلام في معنى الرضا فيما سيأتي.
وأيضا يصدق الاكراه في مورد اشتياق الشخص إلى المعاملة، لكن لا يرضى بوقوعه تحت قهر قاهر وإكراه مكره، وأكرهه أحد على المعاملة، فهو مشتاق إلى المعاملة، ومع ذلك مكره من قبل القاهر.
فما أفاده لا يتم طردا وعكسا، بل حقيقة الاكراه هو الالزام قهرا من الملزم والقاهر، سواء كره المكره المعاملة، أو لا، فالمعاملة الواقعة عن إلزام الملزم وقهر القاهر وإكراه المكره وجبر الجابر - سمه بما شئت - باطلة لحديث الرفع.
ثم ذكر الشيخ (رحمه الله) بعد ذلك: ويعتبر في وقوع الفعل من ذلك الحمل اقترانه بوعيد منه، مظنون الترتب على ترك ذلك الفعل، مضر بحال الفاعل أو متعلقه نفسا وعرضا (1).
أقول: ظهر مما تقدم أنه لا يعتبر في صدق الاكراه اقتران الحمل بالوعيد، لصدق الاكراه مع الالزام وعدم إمكان التخلف عن ذلك، لخوف ترتب ضرر من الملزم على ترك الفعل.
وكذا لا يعتبر الظن بالترتب، فإن الاحتمال العقلائي المنشأ لحصول الخوف كاف في ذلك.
وأما اعتبار الضرر فهو في محله، ولا يلزم من وصوله إلى حد الحرج، بل مطلق الضرر العقلائي، الذي يرى العقلاء أن الشخص مكره على الفعل، لوقوعه في هذا الضرر لو ترك الفعل، كاف في ذلك.
والحاصل: أن عنوان الاكراه بمعنى الالزام عن قهر أوضح في نظر العقلاء من