يكون كل من ذلك امتثالا، أو هنا امتثال واحد بفرد معين، أو غير معين، أو بالمجموع، أو بالجامع، أو لا يكون امتثالا؟
لا إشكال في حصول الامتثال حينئذ كما يشهد به الوجدان، والامتثال بفرد معين ترجيح بلا مرجح، والفرد الغير المعين لا وجود له، والمجموع لم يتعلق به أمر، فيدور الأمر بين أمرين: إما أن يقال بحصول الامتثالات بعدد الأفراد المتحققة، أو الامتثال الواحد بالجامع.
فيمكن أن يقال: إن الجامع بنعت الجامعية لا وجود له، بل الموجود هو الفرد، والطبيعة (1) موجودة بوجوده، فالطبيعة الموجودة متكثرة لا محالة، والجامع لا وجود له إلا بنعت الكثرة، فلا يمكن الالتزام بحصول امتثال واحد بالجامع لتكثره، فهنا امتثالات بعدد تكثير الطبيعة.
والتحقيق: حصول امتثال واحد بالاتيان بالجامع وهو نفس الطبيعة.
بيان ذلك: أنه قد مر آنفا: أن الأمر المتعلق بشئ لا يمكن أن يسري إلى غيره والمفروض أن الأمر متعلق بنفس الطبيعة. غاية الأمر أن الطبيعة في نشأة لحاظها موجودة بنعت الوحدة، وفي نشأة تحققها قد توجد بنعت الكثرة، لكن امتثال الأمر المتعلق بنفس الطبيعة هو الاتيان بنفس الطبيعة، وكما لم يؤخذ شئ من الكثرات والخصوصيات المشخصة وغير ذلك في متعلق الأمر، كذلك شئ من ذلك غير دخيل في مقام الامتثال، بل عالم الامتثال مثل عالم تعلق الأمر - وهو لحاظ الأمر متعلق أمره - عالم التجريد عن جميع الخصوصيات عدا نفس الطبيعة. وفي المقام وإن وجدت أفراد متكثرة دفعة في مقام الامتثال، إلا أن ما به الامتثال إتيان نفس الطبيعة مجردة عن جميع لواحقه، والوحدة والكثرة - وهما المساوقان