لكن ثبوت مثل هذا الإجماع مع عدم تعرض المتقدمين لصورة " الاعتياد " مشكل، مع أن صاحب المدارك - وهو من المتأخرين - صرح بأن ذلك إنما يفسد الصوم إذا تعمد الإنزال (1).
3 - وإن لم يكن قاصدا للإنزال، ولا كان من عادته ذلك عند الملامسة ونحوها، فالمنقول عن جماعة من المتقدمين حتى زمان العلامة القول بالإفساد (2)، وعن جماعة أخرى منهم القول بعدمه (3).
فممن نسب إليه القول بالإفساد: الشيخ الطوسي، والمحقق، والعلامة. قال الشيخ: " إذا باشر امرأته فيما دون الوطء ء فأمنى، لزمته الكفارة، سواء كان قبلة أو ملامسة أو أي شئ كان... " (4). وقال المحقق: " من أمنى بالملاعبة والملامسة أو استمنى ولو بيده لزمه الكفارة... لنا: أنه أجنب مختارا متعمدا، فكان كالمجامع " (5). وقال العلامة:
" المشهور أنه إذا أمنى عند الملامسة وجب عليه القضاء والكفارة " (6).
وعبارة المفيد شبيهة بعبارات هؤلاء وإن لم ينسب إليه القول بالإفساد، فإنه قال بالنسبة إلى من قبل زوجته: "... فإن أمنى وجب عليه الكفارة كما تجب على المجامع ووجب عليه القضاء " (1).
ولكن إيجاب الكفارة قرينة على إرادة صورة قصد الإنزال - وقد ادعي الإجماع على اعتبار قصد إتيان المفطر في وجوب الكفارة (2) - فلا يشمل كلامهم الصورة المبحوث عنها، إلا أن نقول بكفاية القصد إلى الفعل المؤدي إلى الإنزال، ولعل ذلك يستفاد من كلام بعضهم (3).
وممن نسب إليه القول بعدم الإفساد: السيد المرتضى وابن زهرة وابن إدريس.
قال السيد المرتضى: " فأما الوطء ء، فلا خلاف في أنه يفسد الصيام، فأما دواعيه التي يقترن بها الإنزال فأنزل غير مستدع للإنزال لم يفطر " (4).
وعلق ابن زهرة وجوب القضاء والكفارة على صدور المفطرات عن عمد واختيار (5).
وجعل ابن إدريس من أمنى بالملامسة في حكم المجامع من دون أن يفصل في ذلك (6)، فلا يوافق كلامه ما نسب إليه.