بسبب الاضطرار الباغي والعادي والمتجانف للإثم، ومفهوم ذلك عدم الإباحة لهم.
أما المتجانف للإثم، فهو الذي يميل إليه، لأن الجنف: الميل (1). ومعناه إجمالا هو: أن من كان له ميل إلى الحرام فلا يباح له ذلك بسبب الاضطرار.
وسوف يأتي مزيد توضيح لذلك.
أما الباغي والعادي فقد اختلفوا في تفسيرهما وذكر الشيخ الطوسي في ذلك أقوالا ثلاثة، هي:
1 - غير باغ اللذة، ولا عاد سد الجوعة.
ونسبه إلى الحسن وقتادة ومجاهد وغيرهم.
2 - غير باغ في الإفراط ولا عاد في التقصير.
وقال: " حكاه الزجاج ".
3 - غير باغ على إمام المسلمين، ولا عاد بالمعصية طريق المحقين.
ثم قال: " وهو قول سعيد بن جبير، ومجاهد، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) " (2).
واكتفى الطبرسي (3) بنقل هذه الأقوال الثلاثة كالشيخ الطوسي.
وقال المحقق الحلي: " ولا يرخص الباغي، وهو الخارج على الإمام، وقيل: الذي يستحل الميتة، ولا العادي، وهو: قاطع الطريق، وقيل:
الذي يعدو شبعه " (1).
وقال العلامة: "... إلا الباغي، وهو الخارج على الإمام (عليه السلام)، أو العادي، وهو قاطع الطريق " (2).
وقال الشهيد الأول: " ولا يترخص الباغي، وهو الخارج على الإمام، أو الذي يبغي الميتة، ولا العادي، وهو قاطع الطريق، أو الذي يعدو شبعه " (3).
ووافقه تلميذه المقداد (4)، واستحسنه الشهيد الثاني (5).
ويرى بعض الفقهاء: أن المذكور في أقوال الفقهاء والروايات إنما هو من باب بيان المصاديق.
قال النراقي بعد ذكر الروايات التي فسرت العنوانين: " ولا تنافي بين الروايات، لجواز كون المراد من اللفظين المعاني كلا، فيحملان عليها جميعا... " (6).
وبهذا المضمون قال السيد الطباطبائي في تفسيره بعد ذكر الروايات، حيث قال: " والجميع من قبيل عد المصاديق، وهي تؤيد المعنى الذي