الإسراف في النفقة فلم يصرح به إلا بعضهم. فمثلا:
جاء في المراسم: " إن الواجب من النفقة بحسب سد الخلة، فما زاد فندب ما لم يبلغ حد الإسراف " (1).
وقال العلامة - عند الكلام عن آداب التجارة -: " ينبغي الاقتصاد في المعيشة وترك الإسراف " (2) ثم ذكر بعض الروايات الواردة في ذلك وقال - في باب الحجر -: " يجب على الولي الإنفاق على من يليه بالمعروف، ولا يجوز له التقتير عليه في الغاية، ولا الإسراف في النفقة، بل يكون في ذلك مقتصدا " (3).
وقال صاحب الجواهر - في الإنفاق على الزوجة -: " فالمناسب حينئذ جعل المدار ما أشرنا إليه سابقا مما يعتاد إنفاقه على الزوجات من حيث الزوجية، ملاحظا فيه حد الوسط الذي هو المراد من المعروف (4)، لا الإسراف الذي يقع من المبذرين، ولا التقتير الذي يقع من الباخلين " (5).
وقال الشيخ الطوسي بالنسبة إلى المديون المفلس: " ويجب أن ينفق عليه وعلى من يلزمه نفقته من أقاربه وزوجته ومماليكه... ويجب أن يكسي جميع من يجب عليه كسوته من زوجته وأقاربه إجماعا، وقدرها ما جرت به العادة له من غير سرف... وأما جنسها فإنه يرجع أيضا إلى عادة مثله في الاقتصاد " (1)، وقال بالنسبة إلى المديون مطلقا: " ومن كان عليه دين، وجب عليه السعي في قضائه، وترك الإسراف في النفقة، وينبغي أن يتقنع بالقصد، ولا يجب عليه أن يضيق على نفسه، بل يكون بين ذلك قواما " (2).
وتبعه في ذلك جملة ممن تأخر عنه (3).
لكن استشكل المحقق الثاني في عباراتهم من جهة وجود التنافي بين النهي عن الإسراف والأمر بالقناعة، فقال: " بين مفهومي هذين الكلامين تخالف، فإن تحريم الإسراف يفهم منه حل ما عداه، ووجوب القناعة بالقليل يقتضي المنع مما سواه وإن لم يكن سرفا "، ثم أجاب عن ذلك:
بأن " الممنوع منه هو التوسعة التي هي فوق الاقتصاد وإن لم يعد سرفا " (4).
ولعل هذا المعنى مستفاد من مجموع كلمات الفقهاء الذين تعرضنا لكلامهم.