اعتبار التسليم أم لم يكن فالتسليم غير معتبر هنا.
وربما يقال بكون بيع العبد ممن ينعتق عليه باطلا لتحقق الغرر وعدم كون البايع قادرا على التسليم المعتبر في البيع، فيكون من قبيل بيع ما ليس عنده أيضا، فإن اعتبار الشارع حرية المبيع وكونه منعتقا بمجرد البيع خارج عما نحن فيه، بل لا بد أن نلاحظ المبيع مع قطع النظر عن حكم الشارع، ومن الواضح جدا أن هذا البيع - أي بيع العبد الآبق ممن ينعتق عليه - مع قطع النظر عن حكم الشارع بانعتاقه بيع خطري غرري، ومن بيع ما ليس عنده، فلا يصح ذلك أيضا.
وفيه أنه ليس هنا غرر بالفعل الذي هو موضوع الحكم فعلا، فإن هذه القضية، أي قضية نهي النبي (عليه السلام) عن بيع الغرر قضية حقيقية منحلة إلى قضايا متعددة، أي كلما تحقق غرر فيكون البيع باطلا، ففي المقام أن البيع غير غرري، ففرضه بأنه لولا حكم الشارع بالانعتاق فيكون البيع غرريا أجنبي عن المقام، لأنه غرر شأني، فالغرر الشأني ليس موضوعا للحكم، أما قوله (عليه السلام): لا تبع ما ليس عندك، فقد عرفت أنه لا يحتاج ذلك إلى التسليم فعلا، فلا وجه لملاحظته بأنه لو لم يكن حكم الشارع بالانعتاق لكان من قبيل بيع ما ليس عنده كما هو واضح.
وبالجملة أن كلا النبويين لا يشملان بيع العبد الآبق ممن ينعتق عليه، أما النهي عن بيع الغرر فلعدم الغرر، فيكون النهي منتفيا لكونه تابعا لفعلية الموضوع بحسب القضية الحقيقية، فلا غرر فعلي في بيع العبد، نعم فالغرر شأني مع قطع النظر عن حكم الشارع، ولكنه ليس موضوعا.
وأما النهي عن بيع ما ليس عنده، فقد عرفت عدم اعتبار التسليم هنا مع قطع النظر عن هذا النهي أيضا، فإن القدرة على التسليم ليست لها موضوعية في الحكم وإنما هي معتبرة من باب الطريقية إلى التسليم