وأما إذا كان المدرك قوله (عليه السلام): لا تبع ما ليس عندك، فإن الكلام حينئذ في الشبهات المفهومية هو الكلام الذي تقدم، من أن المقام من موارد دوران الأمر بين الأقل والأكثر فنأخذ المقدار المتيقن، فنجري البراءة في الزائد، وأما الشبهة المصداقية فتحقق على هذا، فإن معنى كون المال عنده أوليس عنده وإن كان واضحا على مسلكنا، كما تقدم من كون ظهوره عبارة عن الملكية دون الأعم منه ومن القدرة على التسليم، ولكن مع التنزيل عن ذلك وأخذ العند بمعنى السلطنة على التسليم.
وعليه فيمكن أن يشك الانسان في ملكه أنه عنده أوليس عنده، كما إذا تولد فرسه أو غنمه أو غيرهما من الحيوانات المملوكة له في غير بلده، وشك في أنه هل هو قادر على تسليمه أو لا، لاحتمال كون طريقه - أي طريق ذلك البلد - مسدودا وهكذا وهكذا.
ففي هذه الموارد، أما التمسك بالعمومات الدالة على صحة المعاملة فلا يجوز، لعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
بل نقول: إنه تارة يكون لهذا الفرد المشكوك حالة سابقة معلومة، بأن كان قبل زمان قادرا على التسليم أو عاجزا عنه، فبناء على كون القدرة شرطا فيستصحب القدرة على التسليم، فبناء على كون العجز مانعا فيستصحب عدم العجز، ومع كون الحالة السابقة هو العجز، فأما يستصحب عدم القدرة إن كانت هي شرطا، أو يستصحب عدم العجز إن كان هو مانعا، فلا يرد على هذا ما تقدم من الاشكال في جريان الأصل من كونه مثبتا، فإن عنوان عدم السلطنة على التسليم وايصال العوضين تحت يد كل من المتبايعين أمر مستصحب، فيمكن اثباته بالاستصحاب كما لا يخفى، فيحرز به أنه قادر على التسليم.