وفي ذلك الباب إذا قصد عدم إتيانهما، ومع قصد إتيانهما يسقط الواجبان، لعدم حصول شرطهما (1).
١ - أقول: أما ما أفاده من الاشكال على تصوير الواجب المشروط في المقام وفي باب الترتب، فغير وارد، لأن عدم الاتيان كالاتيان له شروع وختم وحال، والشرط هو الأخير، لا الثاني، ولا الأول، فمعنى أن وجوب المهم مشروط بترك الأهم: أن حال ترك الأهم الأمر بالمهم موجود، وهكذا في الواجب التخييري. نعم، مع إمكان التمسك بظهور الكلام لا موجب لرفع اليد عنه، ولذا ذكرنا في بحث الترتب عدم الحاجة إليه، لاشتراط القدرة في التنجز وإن صح على تقدير الحاجة لفرض اشتراط القدرة في التعلق.
وأما في المقام فلا نلتزم بما أفاده بعض أعاظم أساتيذنا: من أن متعلق الوجوب هو عنوان أحد الأطراف، ولا ما أفاده سيدنا الأستاذ المحقق: من أن متعلقه هو جميع الأطراف، لعدم الملزم للأول، وعدم تعلق الالزام بالجميع في الثاني، بل نلتزم بوسط بين الكلامين، ونقول:
الوجوب التعييني هو البعث نحو شئ بداعي الالزام بالنسبة إليه، والوجوب التخييري هو البعث نحو شيئين أو أشياء بداعي الالزام بالنسبة إلى أحدهما أو أحدها، ويظهر وجهه مما قررناه وما علقناه عليه. نعم، لو قلنا بأن الالزام في الواجب التخييري أيضا متوجه إلى جميع الأطراف، لكن على نحو التخيير كالبعث، وهذا سنخ من الالزام والوجوب، كما بنينا على ذلك سابقا، ومراد صاحب الكفاية (قدس سره) أيضا من السنخ (كفاية الأصول: ١٧٤) ذلك، فلا تصل النوبة إلى ما قربناه هنا، لكن الصحيح ما ذكرنا أخيرا.
وقد ظهر بذلك تصوير التخيير في مورد نقض السيد الأستاذ - مد ظله -، فإن البعث تعلق بالمأمور به، والزجر تعلق بالمنهي عنه بداعي الالزام بأحدهما، أي فعل الأول وترك الآخر.
والحاصل: أن الواجب التعييني هو البعث نحو شئ بداعي الالزام به، والاستحباب التعييني هو البعث نحوه لا بداعي الالزام به، والواجب التخييري هو البعث نحو شيئين أو أشياء معينا بداعي الالزام بأحدها، والحرمة التعيينية هي الزجر عن شئ بداعي الالزام بتركه، والكراهة التعيينية هي الزجر عنه لا بداعي ذلك، والحرمة التخييرية هي الزجر عن شيئين أو أشياء بداعي الالزام بترك أحدهما أو أحدها.
وعلى ذلك، معنى التخيير بين وجوب شئ وحرمة الآخر هو البعث نحو الأول والزجر نحو الثاني بداعي الالزام بواحد، من فعل الأول وترك الآخر. فليتدبر. المقرر دامت بركاته.