أقول: أما مسألة الرطوبة الباقية بعد الوضوء فخارجة عن محل الكلام، فإن البحث فيما لو خرجت العين عن التقويم مع بقاء العين، والرطوبة كاللون والرائحة، تعد من العرض عرفا وإن كانت بالدقة العقلية من العين نفسها، ولذا لو غسل الدم وبقي لونه فلا يحكم بنجاسته، وكذا لو وصلت رطوبة الطبخ أو رائحته إلى ثياب الداخل في المطبخ عدوانا، جازت الصلاة فيها وإن منع عنها المالك.
والحاصل: أن بقاء العين بالدقة لا أثر له، بل الأثر مترتب على بقائها عرفا، ومسألة الرطوبة تعد من تلف العين عرفا، فلو توضأ بالمغصوب جهلا، ثم علم به قبل المسح، جاز له المسح بالرطوبة الباقية حتى مع منع المالك، فضلا عن عدم المنع.
وأما ما أفاده من بقاء العين على ملك مالكها فهو الصحيح، لما ذكره بلا مزيد عليه، فإن الغرامة - بنظر العقلاء - إنما هي بإزاء السلطنة الفائتة وتفويت الانتفاعات على مالك العين، لا بإزاء العين مسلوبة الانتفاع، فتبقى العين على ملك مالكها بلا أداء غرامة بإزائها.
لا يقال: إن العين مسلوبة الانتفاع لا مالية لها، فلا معنى لبقائها على صفة الملكية، كما يظهر من السيد (قدس سره) (1).
لأنه يقال: لا ملازمة بين الخروج عن المالية والملكية، كما هو ظاهر.
لا يقال: إنا ولو سلمنا بقاء الملكية، إلا أنه يجوز للغارم التصرف فيها، فإن موضوع حرمة التصرف إنما هو مال الغير، لا ملك الغير (2) لا يحل مال امرئ مسلم (3)، أو حرمة مال المسلم (4)، وغير ذلك.