والجواب عن ذلك: أن ما ذكر من العنوان - أحدهما أو أحدها - وإن كان بحسب المفهوم وما هو بالحمل الأولي مرددا ومبهما، إلا أنه معين بالحمل الشائع، وإلا لم يكن قابلا للتصور، وهذا كما في جميع المفاهيم التي لا واقع لها في الخارج - كنفس عنوان العدم - فإنه بالحمل الأولي عدم، لكن بالحمل الشائع عنوان موجود في الذهن، فإذا كان الأمر كذلك فأي مانع من أن يكون المالك هو هذا العنوان.
والحاصل: أن الاشكال المتقدم، وهو بقاء الملك بلا مالك من جهة عدم وجود المالك، وهو عنوان أحدهما أو أحدها مندفع.
نعم، يمكن أن يستشكل في ذلك: بأن هذا العنوان غير مالك، والمالك هو الواقع، ولم يقع طرفا للمعاملة.
والجواب عن هذا: أنه لا يعتبر الملكية حال العقد في بيع الكليات جزما، أترى أن البائع في بيع السلف مالك لشئ بالفعل؟! بل المصحح لهذا البيع - بنظر العقلاء - إنما هو اعتبار الذمة بحيث يقتدر على تسليم العوضين، وهذه الكبرى في المقام أيضا موجودة، فإن عنوان أحدهما - من حيث إمكان تطبيقه على كل من الفردين - معتبر بنظر العقلاء وإن لم يكن مالكا للمبيع، فإن هذا الاعتبار العقلائي كاف في بيع الكليات بل الشخصيات، كما مر في أول الكتاب.
مضافا إلى أنه على فرض ورود الاشكال العقلي السابق أو الآتي وهذا الاشكال العقلائي، فغاية ما يلزم اعتبار شرط زائد على هذه المعاملة، هو تعيين المالكين ولو بعد وقوع المعاملة، لا لزوم التعيين حالها، فإن الاعتبار بالملكية حال الانتقال، لا الملكية حال الانشاء، فيكون المقام نظير البيع الفضولي، ولا يلزم كونه باطلا رأسا، إلا أن يقال: إن إنشاء مثل هذه المعاملة غير معقول، فإنه من إيجاد الإضافة بين الموجود والمعدوم، ولا يحصل الجد بذلك، فإنه مستحيل.
وقد ظهر الجواب عن هذا مما تقدم ومما يأتي.