إلى الضمير لا تدل على أنها ملك لزيد، لاحتمال كونها إجارة، فتكون الإضافة مجازية. فالإضافة هنا مرددة بين إفادتها الملك أو الاختصاص، نعم لو علمنا بكونها إجارة دلت الإضافة على الاختصاص.
ومثال الثاني: ما لو قيل: " باع سرج الدابة " أو " باع حصير المسجد "، بناء على أن المسجد - كسائر العناوين العامة - غير قابل لأن يقع طرفا لإضافة الملكية، فإن الإضافة في هذه الموارد تكون ظاهرة في الاختصاص.
هذا كله إذا دلت القرائن الخارجية على أحد الأمرين، وأما إذا لم تدل فهل تكون الإضافة ظاهرة - في حد ذاتها - في الملكية، أو الاختصاص، أو الاختصاص المطلق؟
والمراد بالاختصاص المطلق هو الاختصاص الذي لا ينافي الملكية فيجتمع معها، لأن الإضافة المفيدة للملك تفيد فائدة الاختصاص أيضا، ويقابلها الاختصاص المنفرد عن الملكية مثل " سرج الدابة ".
ومن الذين صرحوا بإفادة الإضافة الملك الشيخ الطوسي، وابن إدريس، والشهيد الأول في القواعد والفوائد.
قال الشيخ في المبسوط: " إذا حلف:
لا دخلت دار زيد، نظرت، فإن دخل دارا هي ملك لزيد حنث بلا خلاف، وإن دخل دارا يسكنها بأجرة لم يحنث، وقال قوم: حنث، لقوله:
* (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن) * (1)، يعني بيوت أزواجهن، والأول أقوى عندي، لأن حقيقة الإضافة الملك، وما عداه مجاز " (2).
والمجاز يحتاج إلى قرينة.
وكذا قال في الخلاف (3)، وتبعه ابن إدريس (4).
وقال الشيخ في بحث الإقرار: " إذا قال: له في هذه الدار نصفها أو من هذه الدار نصفها، كان إقرارا. ولو قال: له في داري نصفها أو من داري نصفها، كان ما أقر به منها هبة للمقر له " (5).
وقال ابن إدريس: " لو قال: داري هذه لفلان، لم يكن إقرارا... لأن هذا مناقضة، كيف يكون داره لفلان في حال ما هي له! " (6).
وذلك: لأنه حينما أضاف الدار إلى نفسه فقد اعترف بأنها ليست للغير، ولما قال: " لفلان " فقد اعترف بأنها للغير، لأن اللام للملك.
وللتخلص من التناقض لا بد من رفع اليد عن ظهور الكلام في الإقرار وحمله على إنشاء الهبة، أي إن داري هذه صارت لزيد من الآن.