وما يقال -: من أن الصوم عبارة عن توطين النفس على ترك المفطرات التي من جملتها الوطء، وهو مستلزم لعزمها على منع الزوج من الوطء الذي هو عين النشوز - يدفعه (أولا) أنه مناف لدعوى الشيخ التي هي تعليق نشوز بالامتناع من الافطار الذي طلبه منها، وهو يقتضي تحقق النشوز بمجرد نية الصوم أو بدخول أول النهار وإن لم يطالب. و (ثانيا) ما في المسالك من أن نية النشوز ليست نشوزا، إذ هو الخروج عن الطاعة ومنعه من الاستمتاع والخروج بغير إذنه أو نحو ذلك، لا نيته حتى ولو نوت أن تخرج عن طاعته ولم تفعل لم يكن نشوزا، وإن كان قد يناقش فيه بأنه لو سلم عدم كونه نشوزا لكنه للتمكين الذي هو عبارة عن التصريح بالبذل في أي مكان وأي زمان مع عدم ظهور مناف منها له، وهو الشرط في وجوب النفقة.
فالأولى في دفعه أن يقال: إنه لا تلازم بين نية الصوم وبين بقائها على التمكين بمعنى أنها عازمة عليه ما لم يحصل المنافي له، لا أنه يستلزم العزم على عصيان الزوج لو أراد الاستمتاع منها، لا بما سمعت، ولا بما قيل من أن منع الصوم مستلزم للدور من حيث إن كونه مانعا يستلزم صحة المستلزم، لكونه عذرا فلا يسقط به النفقة، ولا يكون مانعا، بل يلزم من إسقاطه لها عدم إسقاطه، ضرورة أن مدعى إسقاطه للنفقة لا يتوقف على إثبات كونه مانعا، لأن النشوز يتحقق بحصول الامتناع من جهة المرأة وإن قدر الزوج على قهرها عليه، والشيخ بناء على أن مراده ما عرفت قائل بأن الصوم ندبا نشوز من جانب المرأة من حيث امتناعها منه وإعراضها عنه بما ليس بواجب وإن قدر الزوج معه على الاستمتاع المقتضي لفساده.
ومما ذكرنا ظهر لك أن المراد بقول المصنف (ولو استمرت مخالفة تحقق النشوز وسقطت النفقة) لاستمرارها على الامتناع من تمكينها نفسها، لا أن المراد بقاؤها على إظهار العزم على الصوم وترك الأكل والشرب ونحو ذلك، وإلا كان فيه ما عرفت، والله العالم.
(وتثبت النفقة للمطلقة الرجعية كما تثبت للزوجة) بلا خلاف، بل الاجماع