وقد استفاضت الروايات المتضمنة لهذا التفسير، منها ما رواه سماعة، قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن الإسلام والإيمان أهما مختلفان؟ فقال: إن الإيمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الإيمان، فقلت: فصفهما لي، فقال: الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله والتصديق برسول الله (صلى الله عليه وآله)، به حقنت الدماء، وعليه جرت المناكح والمواريث، وعلى ظاهره جماعة الناس، والإيمان الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام وما ظهر من العمل به، والإيمان أرفع من الإسلام بدرجة، إن الإيمان يشارك الإسلام في الظاهر، والإسلام لا يشارك الإيمان في الباطن، وإن اجتمعا في القول والصفة " (1).
وروى حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: " سمعته يقول: الإيمان ما استقر في القلب وأفضى به إلى الله عز وجل، وصدقه العمل بالطاعة لله والتسليم لأمره، والإسلام ما ظهر من قول أو فعل، وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلها، وبه حقنت الدماء، وعليه جرت المواريث، وجاز النكاح واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحج، فخرجوا بذلك من الكفر... " (2).
وقال الصدوق: " الإسلام هو الإقرار بالشهادتين، وهو الذي يحقن به الدماء والأموال، ومن قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فقد حقن ماله ودمه إلا بحقهما وعلى الله حسابهما، والإيمان هو إقرار باللسان، وعقد بالقلب، وعمل بالجوارح وأنه يزيد بالأعمال وينقص بتركها، وكل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمن... " (1).
4 - أن بعض الأعمال تتوقف صحتها - من حيث إسقاط التكليف لا الثواب الأخروي - على الإسلام، وبعضها الآخر على الإيمان، وهذا ما سيتضح خلال البحث عن أحكام كل منهما، هنا وفي عنوان " إيمان " إن شاء الله تعالى.
5 - اتضح من خلال ما تقدم: أن الإيمان قد يطلق على الاعتقاد بالإسلام بالمعنى الثالث، وهو إرادة مجموعة الدين الذي جاء به النبي محمد (صلى الله عليه وآله) من عقيدة وشريعة.
6 - للإيمان معنيان: عام وخاص، فالعام هو الاعتقاد بالإسلام بمعناه المتقدم آنفا، والخاص هو الاعتقاد بما تعتقده الإمامية، وهو مجموع ما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) بما فيه الإمامة.
قال العلامة المجلسي - بعد نقل كلمات العلماء في الفرق بين الإيمان والإسلام -: " أقول: الذي ظهر مما حررناه أن الإيمان هو التصديق بالله وحده وصفاته وعدله وحكمته، وبالنبوة وبكل ما علم بالضرورة مجئ النبي (صلى الله عليه وآله) [به] مع الإقرار بذلك.