وما ورد في بعض الروايات كرواية أبي بردة وغيرها من جواز بيعها لا تدل على جواز بيعها، بل هي تدل على عدم جواز بيعها، كيف فإن قوله (عليه السلام): من يبيعها هي أرض المسلمين، صريح في عدم الجواز، وقوله:
ثم قال: لا بأس اشترى حقه منها، ليس فيها دلالة على جواز البيع بل تدل على معنى أن بيعها قيام المشتري مقام البايع في الجهة التي كانت راجعة للبايع، من استعمالها والانتفاع بها وأداء الخراج منها، نظير بيع دكاكين الغير، أي حق الاختصاص الثابت للجالس.
وبعبارة أخرى يسمى باصطلاح العلمي بحق الاختصاص، ففي الحقيقة أن البايع يبيع حقه الاختصاصي، فنفس هذا دليل يدل على عدم جواز بيعها.
وبالجملة لا يجوز تملك تلك الأراضي ولا بيعها، بل يبيع الحق الاختصاص كما هو صريح الروايات، ولا يفرق بين ذلك بين نفس الأرض وأجزائها.
وعليه فلا يجوز بيع أجزاء تلك الأراضي من الجص والأجر والكوز ونحوها من أجزاء الأرض، وأما قيام السيرة فسيأتي الكلام فيها.
نعم لو انفصلت الأجزاء عن الأرض جاز بيعها، كما إذا أخرجوا التراب من مكان بعد الاصلاح بحيث صار زائدا فيجوز أخذه والانتفاع به فإنه للمسلمين والأخذ أيضا منهم، ومن طرق الانتفاع به صرفه في الكوز والأجر وبيعها.
ومن هنا يعلم أنه لا يجوز تأسيس المسجد فيها، فإنه يتوقف على وقف الأرض وفكه عن الملك، ومن الواضح أنها ليست ملكا لأحد حتى يوقفها المالك ويجعلها مسجدا.