وإن كان الأول أسبق، بل لو كانا كلاهما مهمين بلا أهمية لأحدهما على الآخر، فالحكم هو التخيير عقلا.
فعلى ضوء هذه المباني يظهر عدم تمامية ما ذكره: من عدم شمول دليل الوفاء للبيع والرهن معا، والدليل شامل لهما بلا فرق بين العمومات أو الأدلة الخاصة بالبيع والرهن، فيمكن تصحيح البيع حينئذ، مع أن المزاحمة إنما هي بين البيع حال الرهن والرهن لا بين أصله والرهن، فلو سلمنا عدم شمول الدليل للبيع فلا نسلم خروج الفرد عنه، بل المتيقن تقييد إطلاقه الأحوالي، فلا مانع من التمسك بعمومه الأفرادي بعد حال الرهن.
هذا مضافا إلى أن الفرق بين العمومات والأدلة الخاصة لا يرجع إلى محصل، فإن التزاحم والتمانع لو لم يصلح للتخصيص في العمومات، لم يصلح للتقييد في هذه الأدلة أيضا، والتنويع فرع التقييد.
والحاصل: أن دليل حلية البيع ونفوذ الرهن كليهما شاملان للمورد، وتقييد أحدهما بالآخر بلا وجه، ورفع اليد عن أحدهما إنما هو من جهة المزاحمة كما في العمومات، على ما اختاره وعلى ما اخترنا: من وجود الاطلاقين وشمولهما للمورد في فرض التمانع والتزاحم، فالأمر - كما مر - من إمكان تصحيح البيع، ولو قلنا بالتعارض بين دليل الحلية ونفوذ الرهن وسقوطهما في المجمع، فلا يمكننا تصحيح البيع حتى بعد الفك والإجازة، لخروج الفرد عن دليل الحلية بالمعارضة.
فالتفصيل بين الاستناد إلى العمومات أو دليل الحلية لا يصح بوجه.
والتحقيق: أن المقام غير داخل في باب التزاحم والتعارض، لعدم شمول إطلاقهما للمورد، فإن دليل نفوذ الرهن وإن كان منطبقا على الرهن المتقدم على البيع، إلا أن دليل نفوذ البيع - عموما وخصوصا - منصرف عن بيع متعلق حق الغير من جهة الرهن، كما أن دليل نفوذ الرهن لا يشمل الرهن بعد البيع، وعليه فلا يصح