وبمقتضى الأمر الأول تخرج جملة من الايقاعات عن عنوان الفضولي، كالقبض والاقباض وإعطاء الدين، بل إعطاء الخمس والزكاة لو قيل بجريان التبرع فيهما، وبمقتضى الأمر الثاني تخرج العقود الإذنية، كالوكالة في التصرف والعارية والوديعة، وجملة الايقاعات، كالفسخ والإجازة والابراء والجعالة بناء على كونها منها، فإن إجازة هذه بنفسها تكون وكالة وعارية ووديعة وفسخا وإجازة وإبراء وجعلا (1).
وما ذكره من الكبرى وإن كان صحيحا، إلا أنه لا مصداق لها وشئ من الأمثلة المذكورة لا يكون مصداقا لذلك.
أما القبض والاقباض في الكليات، فحيث لا يتعين الكلي إلا بوقوع القبض والاقباض من أهله، يمكن تصوير الفضولية فيه، فلو أقبض الفضولي المشتري من مال البائع مصداق ما باعه كليا أو قبض الفضولي من البائع ذلك، فالأول يحتاج إلى إجازة البائع، والثاني إلى إجازة المشتري، وهذا ظاهر. وأما في الشخصيات فقبض الفضولي فيها أيضا متوقفة على الإجازة، وأما إقباض الفضولي فلا يحتاج إلى الإجازة، لا لما ذكره، بل لعدم أثر للاقباض حتى يحصل بالإجازة، والأثر يترتب على القبض، وهو ليس فضوليا.
وأما إعطاء الدين والخمس والزكاة، فالتبرع بذلك عن ملك نفس المتبرع خارج عن البحث والفضولية، والبحث إنما هو في إخراج ذلك من مال المالك، وعليه لم لا تجري الفضولية فيها؟!
وأما ما ذكره: من أن الإجازة في العقود الإذنية والايقاعات المذكورة، بنفسها علة تامة لتحقق أثرها، فلا محصل له، أما العقود الإذنية فقد مر في بعض المباحث السابقة: أنه لو كان المراد من ذلك أن هذه العقود بنفسها إذن، ولا تزيد عن حقيقة الإذن بشئ، فهذا ظاهر البطلان، فإن الإذن شئ والعارية والوديعة - مثلا - شئ