وفيه: أنه لو كان دليل نفوذ المعاملة بناء العقلاء، فمع حصول الأثر بنظرهم، يكون اعتبار استناد الأثر إلى المالك لغوا، ولو كان الدليل العمومات نظير ﴿أوفوا بالعقود﴾ (1) بمعنى العقد المستند، فالتمسك بها لاثبات النفوذ - بناء على ما ذكره - دوري، لأنه ما لم يحصل الأثر ولم يثبت الاستناد، لم يمكن التمسك بالعموم لاثبات حصول الأثر، فالصحيح عدم اعتبار الاستناد، لا في السبب لعدم الدليل عليه وعدم الامكان في بيع الوكيل، ولا في المسبب لما ذكر من الاشكال العقلي، مضافا إلى عدم الدليل على اعتبار الاستناد كما مر. نعم، غاية ما يمكن أن يدعى انصراف الأدلة عن العقد الغير المرتبط بالمالك بوجه، لكن مع حصول الارتباط بوجه، مثل وقوع العقد على ماله وحصول الرضا مقارنا أو متأخرا، فتشمله الأدلة، ولا وجه لدعوى اعتبار أمر زائد على ذلك، فكيف إذا حصلت الإجازة من المالك؟!
والمتحصل من جميع ذلك: أن التمسك بالأدلة العامة لاثبات صحة الفضولي، لا يحتاج إلى مؤونة زائدة على التمسك بها لانفاذ معاملة الأصيلين.
ومما ذكرنا: ظهر خروج العقد المقرون برضا المالك واقعا - ولو صدر من غير المالك ولم يبرز المالك رضاه بإنشاء أو غيره - عن العقد الفضولي، بل على مسلكنا في القبول أيضا يكفي رضا القابل بذلك بلا حاجة إلى الابراز والانشاء، كل ذلك لما مر من تحقق حقيقة العقد، ويكفي في إنفاذه نفس تحقق الرضا من المالك، لعدم الدليل على أزيد من ذلك بعد شمول الاطلاقات له.
ثم ذكر (رحمه الله) أثناء كلامه في هذا المقام: أنه يعتبر في صحة الفضولي بالإجازة أمران:
أحدهما: عدم كون الفعل علة تامة لتحقق أثره.
وثانيهما: عدم كون إجازة المجيز علة تامة لتحقق أثرها.