قد ذكرنا عدم جواز المطالبة بالقيمة في مورد التعذر إلى أمد قصير أن العقلاء يرون استحقاق مطالبة المالك بالمثل ورده القيمة؟! نعم، لو فرضنا حدوث العين على نحو خرق العادة، فالعقلاء حاكمون بلزوم رد العين من جهة رد المال المحترم إلى صاحبه، بخلاف صورة حدوث المثل بعد تعذره، والوجه ما تقدم من: تحقق جبران الخسارة بتمامها بنظر العقلاء في مورد تعذر المثل بأداء القيمة، فسقطت الذمة، والساقط لا يعود إلا بدليل مفقود.
وقد ذكر الشيخ (رحمه الله) في المقام: أنه بناء على المختار - من عدم سقوط المثل عن الذمة بالاعواز - يسقط بأداء عوضه، وهو القيمة بالتراضي، فلا يعود كما لو تراضيا بعوضه.
وأما على القول بسقوطه وانقلابه قيميا، فإن قلنا: بأن المغصوب انقلب قيميا عند تعذر مثله فأولى بالسقوط، لأن المدفوع نفس ما في الذمة، وإن قلنا: إن المثل بتعذره النازل منزلة التلف صار قيميا، احتمل وجوب المثل عند وجوده، لأن القيمة حينئذ بدل الحيلولة عن المثل (1).
أقول: تقريب بدل الحيلولة على المختار - من عدم سقوط المثل - أسهل منه على القولين الأخيرين، فإن المفروض فيه عدم سقوط المثل، وأداء القيمة من جهة عدم التمكن من المثل الثابت في الذمة، فمع التمكن منها لا بد من أدائها، والقيمة بدل الحيلولة.
وأما على القول بكون ما في الذمة قيميا، أو صيرورة المثل قيميا، فلا معنى لكون القيمة بدل الحيلولة، فإن أداءها أداء نفس ما في الذمة، هذا، مع أن فرض سقوط المثل بأداء القيمة بالتراضي خروج عن محل البحث، كما لا يخفى.