وفيه أولا: أن ما أفاده من أن المستصحب عارض الموضوع، والموضوع معروضه، ولا بد من إحراز بقائه، ففيه مسامحة ظاهرة، لأن المستصحب هو متعلق اليقين وليس ذلك إلا مفاد القضية، لا محمولها الذي هو عارض، فإنه لا يعقل أن يتعلق اليقين بالمفردات، وكذا الظن والشك لا يتعلقان بالتصورات، بل متعلق هذه الأمور ليس إلا الأمور التصديقية التي هي مفاد القضايا. نعم، لا بد من اعتبار وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة، وهذا أمر آخر غير اعتبار إحراز بقاء الموضوع، فمع كون موضوع الأثر على نعت الكون الرابط - مثل كون زيد قائما - تكون القضية من الهلية المركبة، مثل زيد كان قائما، والآن كما كان، ومع كون موضوع الأثر على نعت الكون المحمولي - مثل قيام زيد - تكون القضية من الهلية البسيطة، مثل قيام زيد كان موجودا، والآن كما كان. وبذلك تندفع الشبهة الواردة في الهليات البسيطة:
من عدم إحراز بقاء الموضوع فيها، فإن الشرط هو اتحاد القضيتين، وهو حاصل.
وأما ما أجاب به الشيخ (رحمه الله) عن الشبهة: من أن الموضوع فيها التقرر الذهني (1)، فلا يخفى ما فيه، لأن الموضوع في زيد موجود ليس زيدا المقرر في الذهن، لأنه لا يمكن أن يوجد في الخارج، فالموضوع في مثل تلك القضايا هو نفس زيد عاريا عن لحاظ شئ معه، وغير متقيد بالتقرر الخارجي أو الذهني، وهو لا يتصف بالبقاء والمحرزية إلا بتبع الوجود الذهني أو الخارجي.
وبما ذكرنا ظهر إشكال ثان فيما ذكره الشيخ (رحمه الله): وهو أنه لا يمكن إحراز الموضوع في بعض القضايا، وهو الهليات البسيطة، فإن معنى إحرازه هو إحراز بقائه أو وجوده مثلا، لعدم تعلق الاحراز بالمفرد، ومعه لا يبقى شك، فلا موضوع للاستصحاب في هذه القضايا.
والجواب عن ذلك: بأن الموضوع فيها هو التقرر الذهني، قد عرفت ما فيه.