أريد بقاء مالي في ذلك البلد الذي وصل إليه، وليس له إلزامه بالنقل إلى مكان لم يصل إليه وإن كان المالك هناك، وجواز المطالبة لا يستلزم ذلك. وكذا بالنسبة إلى المثل وقيمته مع تعذره، له المطالبة في جميع الأمكنة التي وصلت العين إليها في مكان المطالبة.
ووجهه: انصراف أدلة الضمان إلى وجوب الرد والدفع في مكان ذلك المال.
نعم، لو كان المثل في بلد المطالبة مساويا في القيمة للمثل في مكان التلف، أمكن جواز مطالبته، بمعنى عدم الانتقال إلى القيمة على فرض المطالبة (1). انتهى ملخصا.
أقول: أما في المسألة الأولى: فجواز المطالبة موقوف على إمكان المطالبة، وهذا إنما يتحقق مع إمكان الدفع، ومعه لا بد من دفع نفس العين أو المثل، ولا تصل النوبة إلى القيمة، أما مع التعذر فلا يمكن المطالبة جدا مع الالتفات إلى ذلك، نظير ما ذكرنا في الأمر بغير المقدور، وما لا ينبعث إليه بالبعث نحوه، مع الالتفات إلى ذلك، فإن الأمر حينئذ مستحيل، لعدم تحقق مباديه وعدم حصول الجد بالبعث، لا أنه ممكن وقبيح. نعم، في الأحكام القانونية ذكرنا وجه إمكان الأمر والبعث بنحو القانون، مع عدم إمكان الانبعاث في بعض أفراده لتغاير مبادئ جعل القانون ومبادئ جعل الحكم الشخصي، وهذا أمر آخر غير ما نحن فعلا بصدد بيانه.
وما يتوهم: من أن المقام نظير تحقق قصد الإقامة بالنظر إلى مصلحة في نفس القصد، وهو الاتيان بالصلاة تامة مع عدم وجود مصلحة في المقصود، ونظير الأوامر الامتحانية التي تكون المصلحة في نفس الأمر لا المأمور به.
مندفع: بأن النظر إلى مصلحة الاتيان بالصلاة تامة يوجب الجد بالمقصود، وهو الإقامة عشرة أيام فيقصد، وإلا فكيف يمكن تعلق القصد بما لا يحصل الجد به؟! والأوامر الامتحانية أوامر صورية، لا أنها بعث حقيقة، وأما في المقام