مع علمه بعدم حصول الداعي لهم للامتثال؟! ومآل هذا الاشكال عدم تحقق الإرادة الجدية من العالم بعدم حصول مراده في الخارج، أو توقفه على شئ غير اختياري له، وهذا الاشكال سار في جميع أبواب العقود، وفي الفضولي، حتى بالنسبة إلى القبول.
وأما الدفع: فإن الفعل في المقام - وهو الانشاء - ليس سببا لتحقق الأثر، وهو الملك في الخارج، فإن الملكية أمر اعتباري لا بد من أن يعتبرها العقلاء ولو بالارتكاز العقلائي، بحيث لو عرض عليهم الفعل لاعتبروا ذلك الأثر، ولا يمكن أن يكون فعل أحد سببا لاعتبار العقلاء، فإن الاعتبار أمر تكويني قائم بالنفس مسبوق بمبادئه الخاصة، بلا دخل لفعل أحد فيه، كما أنه ليس الفعل آلة لذلك، بحيث يكون الفاعل فاعلا مباشريا لكن بالآلة بعين البيان المتقدم، فإنه لا يمكن أن يكون أحد فاعلا لاعتبار العقلاء مباشرة، فإن الاعتبار ينشأ من مبادئه الخاصة كما مر، بل الفعل موضوع للاعتبار، وأن العقلاء بعد تحقق ذلك الفعل يعتبرون ذلك الأثر.
وعليه يندفع الاشكال، فإن الموجب وإن كان معتقدا لعدم اعتبار العقلاء الأثر إلا بالقبول، لكن حيث إنه يرى دخل فعله في موضوع الاعتبار يحصل الجد منه، وينشئ المفهوم بالإرادة الجدية، بل لو فرضنا أن الفعل سبب أو آلة لتحقق الأثر، إلا أن الايجاب ليس سببا تاما أو آلة تامة، بل هو جزء السبب أو جزء الآلة، والإرادة الجدية بهذا المقدار حاصلة يقينا.