والشرع لا يختلفان في ذلك، ولو كان شئ وجودي أو عدمي معتبرا عند الشارع في الصحة، لبينه واعتبره في السبب، ولا يضر ذلك بالمسمى، وذلك لوجود علامات الحقيقة والمجاز في ما ذكر، ولا موجب للالتزام بغيره، فإذا يمكن التمسك بالاطلاق لدفع ما شك في اعتباره في الصحة وعدمه عند الشارع.
ثم إنه دفع ذلك القائل الاشكال: بأن وزان المنشأ بالصيغة ونفسها ليس وزان المسبب والسبب، بحيث يكون المنشئ فاعلا تسبيبا، بل وزانهما وزان ذي الآلة والآلة، والفاعل فاعل مباشرة، غاية الأمر بالآلة كالكتابة بالقلم، فإن الشخص كاتب بنفسه، لكن بالآلة وهي القلم. وبما أن المصدر والحاصل منه متحدان بالذات مختلفان بالاعتبار، فيكون الفعل الصادر من البائع والمبادلة الحاصلة منه كذلك، فحينئذ يصح التمسك بالاطلاق لدفع ما شك في اعتباره في الفعل ولو كان اللفظ موضوعا للحاصل منه (1).
ويرد عليه:
أولا: إنه لو كان المراد من المصدر والحاصل - في كلامه - اللفظ والتلفظ، فهما وإن كانا واحدا ذاتا ويختلفان بالاعتبار، ولكن لا ربط لذلك بمفهوم البيع، حتى يتمسك بإطلاق دليله لدفع ما شك في اعتباره في وقوعه شرعا، ولو كان المراد منهما الأثر والتأثير فأجنبيان عن الصيغة، فلا يمكن التمسك بالاطلاق لدفع ما شك في اعتباره في الصيغة حسب مبناه، ولو كان المراد منهما الآلة وذا الآلة فذلك يستلزم إيجاد الآلة بالآلة، وهو مستحيل، فلا يفهم معنى محصل من اتحاد المصدر والحاصل في المقام، بحيث ينتج وجها للتمسك بالاطلاق.