وثانيا: لو فرضنا انطباق اتحاد المصدر والحاصل على المقام، فمع ذلك لا يمكن الأخذ بالاطلاق، فإنهما وإن كانا متحدين بالذات، إلا أنه ما مختلفان بالاعتبار، بمعنى أنهما عنوانان منتزعان من ذات واحدة باعتبارين، وبما أن المسمى هو أحد العنوانين، فلا يمكن الأخذ بإطلاق دليل تنفيذه لرفع الشك عن الآخر، لاستحالة تعلق الحكم المتعلق بعنوان على غيره. مثلا حكم الحلية متعلقة بطبيعة
البيع في
﴿أحل الله البيع﴾ (١)، كما أن حكم
وجوب الوفاء متعلقة بكل عقد في قوله تعالى:
﴿أوفوا بالعقود﴾ (2). والبيع الخارجي معنون بعناوين كثيرة، مثل صادر من زيد في شهر كذا في مكان كذا، وهكذا، فهل يمكن أن يقال: إن الآيتين دالتان على صحة هذا
البيع بعنوان أنه معنون بالعناوين المذكورة؟ أو يقال: إنه صحيح، لأنه
بيع، أو لأنه عقد. وكذلك الآيتان دالتان على أن
البيع بمعناه الواقعي - وهو الحاصل من المصدر - نافذ، وأما أنه بمعناه المصدري فأجنبي عن مفادهما، فالمعتبر هنا هو اختلافهما الاعتباري، ولا عبرة باتحادهما الذاتي (3).