اعتباري بنظر العقلاء، لم يكن موضوعا لدليل إمضاء الشارع، فإن الشرع في مقام بيان مراده وإظهار مرامه ليس له اصطلاح خاص، بل يتكلم على وفق المحاورات العرفية، فإذا قال: ﴿أوفوا بالعقود﴾ (١) أو ﴿أحل الله البيع﴾ (2) يكون مراده منهما ما يفهمه العرف عقدا وبيعا، ومن الظاهر أن البيع بنظر العرف الواقع في جميع الأسواق، ليس إلا الحاصل بالأسباب المتعارفة، وهي اللفظ والفعل، وأما غيرهما فليس بمتعارف، ولا يمكن أن يقال: إنه بيع بنظرهم، لعدم إحراز اعتبارهم تحققه بذلك.
ولو قلنا بأنه كما يلزم اتباع العقلاء في المسببات، كذلك يلزم اتباعهم في الأسباب أيضا، فالبيع بالإشارة - لا باللفظ ولا بالمعاطاة - لا يصح مع القدرة على اللفظ أو الفعل، فلا دليل على قيام الإشارة مقام اللفظ عند عدم القدرة عليه، فإن الأسباب المتعارفة ليست إلا اللفظ والفعل، وأما الأخرس فلم يعهد منه معاملة بالإشارة في السوق، حتى يدعى أن المتعارف بالنسبة إليه ذلك، بل لو وقعت منه معاملة، فإما أن تقع بالمعاطاة في غير المهمات، أو بالتوكيل فيها.
وأما الروايات فوردت - في باب الوصية والطلاق - عدة منها يتوهم دلالتها على كفاية وصية الأخرس وطلاقه بالإشارة، ويسري الحكم من ذلك إلى جميع معاملاته، بإلغاء الخصوصية أو الأولوية القطعية، لكن روايات الوصية (3) - على تقدير تسليم دلالتها على قيام إشارة الأخرس مقام لفظه فيها - لا تدل على ذلك في غير الوصية، فإن باب الوصية مخصوص بتسهيلات من قبل الشرع، ولذا لا يضر التعليق فيه، فيجوز قصر الحكم عليها من دون سراية، فالاسراء لا يمكن إلا بالقياس.
وأما روايات الطلاق فإنها وإن دلت على أن طلاق الأخرس يقع بالإشارة،