وقال الثاني في الكافي: " فإن تركها حتى بارت ثلاثا أخذت منه وسلمت إلى من يعمرها ويخرج منها الحق ".
وليس من المعلوم أن مراده من " الحق " هل هو حق قبالة الأرض الذي يدفع إلى الإمام، أو حق رقبة الأرض الذي يدفع إلى صاحبها الأول، أو الزكاة؟ نعم، إذا كان المراد هو الأعم فهو يشبه كلام الشيخ، كما أن قيد " الثلاث " لم يرد في كلام الشيخ أيضا.
4 - إن المحيي الثاني أحق بالأرض، ولكن لا تخرج عن ملك الأول، بل على المحيي الثاني دفع الطسق للأول، ولم يتعرض في هذا القول لحق القبالة.
وقد تقدم عند بحثنا في ترك الأرض المحياة المؤدي إلى خرابها أن جعلنا هذا الرأي أحد الأقوال الثلاثة في المسألة، ونقلنا عن الشهيد الثاني نسبته إلى الأكثر، فلو قلنا: إن مورد مسألتنا هذه داخل في ذلك العنوان ومصداق له - كما يظهر من بعض الفقهاء حيث قالوا - بعد التعرض لذكر هذا القسم -: " كل أرض ترك أهلها عمارتها كان للإمام (عليه السلام) تقبيلها ممن يقوم بها، وعليه طسقها لأربابها " (1) - فيمكن نسبة هذا الرأي في هذا المورد إلى الأكثر أيضا، ويؤيده أنهم جعلوا رأي الشهيد الأول في الدروس - الذي كان أحد الأقوال الثلاثة - في تلك المسألة، أحد الأقوال في هذه المسألة أيضا.
2 - أرض الصلح:
ويعبر عنها ب " أرض الذمة " و " أرض الجزية " أيضا، وهي الأرض التي صولح أهلها على أن تكون لهم وأنهم يقرون على دينهم، ولكن عليهم الجزية... إما على رؤوسهم أو على أرضهم، حسب ما يراه الإمام (عليه السلام).
ومعنى جعلها على الأرض: هو أن يصالحهم على ثلث الحاصل أو ربعه أو نصفه مثلا.
وهذه الأرض ملك لهم يتصرفون فيها بما شاؤوا من بيع وغيره، وعليهم الجزية المقررة.
ويملكها المسلم بوجه مملك كالبيع والهبة والإرث ونحوها. ولا ينتقل ما على الأرض من الجزية - لو كانت عليها - إلى المسلم، لأن المسلم لا جزية عليه، بل تكون على البائع الذمي على المشهور، وذهب أبو الصلاح الحلبي إلى أنها تكون بعاتق المشتري (1).
ولو أسلم صاحب الأرض سقطت الجزية عنه، لما تقدم من أن المسلم لا جزية عليه، وكانت أرضه له كسائر المسلمين.
ولو وقع الصلح بأن تكون الأرض للمسلمين خاصة، ويكون للكفار السكنى خاصة، كان حكم