نعم، قال بعضهم: يعزر القاتل، مسلما كان أو كافرا (1).
القسم الثاني - الأسارى من المسلمين البغاة:
والمقصود من البغاة هم الخارجون - من المسلمين - على الإمام العادل، وهؤلاء على طائفتين أيضا:
الأولى - أن يكون لهم فئة يرجعون إليها:
بمعنى أن يكون لهم رئيس يعد لهم العدة، ويجهز لهم الجيوش، ومثلوا لهؤلاء بأصحاب صفين، فإنهم كان لهم رئيس مطاع - وهو معاوية - يمدهم بما يحتاجون إليه.
فحكم هؤلاء هو: أنه يجوز الإجهاز على جريحهم، واتباع مدبرهم، وقتل أسيرهم.
الثانية - أن لا يكون لهم فئة يرجعون إليها:
بأن يجتمعوا على الخروج من دون أن يكون لهم رئيس مطاع، وجهة تمدهم بما يحتاجون إليه من القوة والعتاد، ومثلوا لهؤلاء بالخوارج، ومثل أكثر من تعرض للمسألة من الفقهاء لهم بأصحاب الجمل أيضا، لأنهم وإن كان لهم رئيس مطاع - وهما طلحة والزبير - إلا أنهما قتلا، فبقوا من دون رئيس، ومع ذلك فقد عدهم الشهيد الثاني (2) في الطائفة الأولى.
وحكم هؤلاء: أنه لا يجوز الإجهاز على جريحهم، ولا اتباع مدبرهم، ولا قتل أسيرهم، لأن الهدف من قتالهم هو تفريق جمعهم بعد أن لم يرجعوا ولم يلبوا نداء الإمام عند دعوته إياهم إلى الحق.
وقد ادعى الإجماع على ذلك عدد من الفقهاء (1)، واستدلوا له بما ورد من سيرة علي أمير المؤمنين (عليه السلام) في أهل صفين، والجمل، والنهروان، فمن ذلك ما ورد عن أبي حمزة الثمالي، قال: " قلت لعلي بن الحسين (عليه السلام): إن عليا (عليه السلام) سار في أهل القبلة بخلاف سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أهل الشرك، قال: فغضب، ثم جلس، ثم قال: سار فيهم بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الفتح، إن عليا (عليه السلام) كتب إلى مالك وهو على مقدمته في يوم البصرة: بأن لا يطعن في غير مقبل، ولا يقتل مدبرا، ولا يجيز على جريح، ومن أغلق بابه فهو آمن، فأخذ الكتاب فوضعه بين يديه على القربوس من قبل أن يقرأه، ثم قال: اقتلوا، فقتلهم حتى أدخلهم سكك البصرة، ثم فتح الكتاب فقرأه ثم أمر مناديا فنادى بما في الكتاب " (2).
وعن عبد الله بن شريك، عن أبيه، قال: " لما