كانت من لينه وعدم غلظته، ولو كان فظا غليظا لانفضوا من حوله وتركوه، ومع ذلك كله جعل (تعالى) الاختيار النهائي له بقوله: * (فإذا عزمت فتوكل على الله) *.
2 - ما رواه معمر بن خلاد، قال: " هلك مولى لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) يقال له: " سعد " فقال: أشر علي برجل له فضل وأمانة، فقلت: أنا أشير عليك؟! فقال شبه المغضب: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يستشير أصحابه ثم يعزم على ما يريد " (1).
3 - وما رواه الحسن بن جهم، قال: " كنا عند أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فذكر أباه (عليه السلام) فقال:
كان عقله لا توازن به العقول، وربما شاور الأسود من سودانه، فقيل له: تشاور مثل هذا؟! فقال: إن الله تبارك وتعالى ربما فتح على لسانه، قال: فكانوا ربما أشاروا عليه بالشئ، فيعمل به من الضيعة والبستان " (2).
4 - وما رواه الفضيل بن يسار، قال:
" استشارني أبو عبد الله (عليه السلام) مرة في أمر، فقلت:
أصلحك الله، مثلي يشير على مثلك؟! قال: نعم، إذا استشرتك " (3).
صفات المستشار:
الصفات المعتبرة في المستشار بعضها إيجابية وبعضها سلبية، ودلت عليها الروايات:
أ - الصفات الإيجابية:
ونقصد بالصفات الإيجابية الصفات التي ينبغي وجودها في المستشار، وهي:
العقل، والتدين، والورع، والمعرفة بما يستشار فيه، والنصح، وكتمان السر.
وهذه الأمور مستفادة من مجموعة من الروايات، ومما يدل على أهمها ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " قال - أي: أبو عبد الله (عليه السلام) -: إن المشورة لا تكون إلا بحدودها، فمن عرفها بحدودها، وإلا كانت مضرتها على المستشير أكثر من منفعتها له، فأولها أن يكون الذي تشاوره عاقلا، والثانية أن يكون حرا متدينا، والثالثة أن يكون صديقا مؤاخيا، والرابعة أن تطلعه على سرك فيكون علمه به كعلمك بنفسك ثم يسر ذلك ويكتمه، فإنه إذا كان عاقلا انتفعت بمشورته، وإذا كان حرا متدينا أجهد نفسه في النصيحة لك، وإذا كان صديقا مؤاخيا كتم سرك إذا أطلعته عليه، وإذا أطلعته على سرك فكان علمه به كعلمك، تمت المشورة، وكملت النصيحة " (1).