وتحريكه نحو المأمور به، لا الطلب ولا الإرادة، نعم يمكن البحث في أنها هل تكشف عن إرادة قلبية للبعث الإنشائي أو الإرادة الإنشائية أو الطلب الإنشائي أو لا؟ وهذا المعنى لا يتوقف - إثباتا ونفيا - على كون مدلول الصيغة أي شئ، نعم البحث الكلامي المتقدم ينفع الطرفين إثباتا ونفيا (1).
الثاني - ما ذكره المحقق النائيني:
وحاصله: أنه جعل البحث في موردين:
المورد الأول - البحث في أن الطلب والإرادة متحدان مفهوما أو لا؟
فقال في الجواب:
إن كان المراد من الاتحاد هو ترادفهما، فالإنصاف أن الإرادة - باتفاق الجميع - عبارة عن الكيف النفساني القائم بالنفس، وأما الطلب فهو عبارة عن التصدي لتحصيل شئ في الخارج، لا الشوق لتحصيله فقط. هذا في التكوينيات.
وأما في التشريعيات فهو عبارة عن نفس إيجاد الصيغة، فإنه بها يتصدى الآمر لتحصيل مطلوبه في الخارج.
وإن كان المراد تغايرهما مفهوما واتحادهما مصداقا، فهو فاسد أيضا، لأن الإرادة من مقولة الكيف، والطلب من مقولة الفعل، ويستحيل صدق المقولتين على أمر واحد باعتبارين.
فالصحيح: هو التغاير بين الطلب والإرادة.
المورد الثاني - هل الموجود في النفس - والذي تترتب عليه حركة العضلات - أمور ثلاثة:
التصور، والتصديق، والشوق المؤكد المعبر عنه بالإرادة، أو أن هناك أمرا آخر يتوسط بين الإرادة وحركة العضلات؟
الحق: أن هناك أمرا آخر وراء الإرادة تترتب عليه حركة العضلات، وهو الطلب والاختيار (1)، وفاقا لجماعة من محققي المتأخرين، ومنهم صاحب الحاشية.
والبرهان على ذلك: أن مقدمات الإرادة من التصور والتصديق كلها غير اختيارية، فإن كانت حركة العضلات مترتبة عليها من غير تأثير النفس فيها، وبلا اختيارها، للزم صدور الأفعال من دون اختيار.
هذا كله في إرادات العباد وأفعالهم التكوينية، وقس عليه الطلب والإرادة التشريعية، فإن الآمر يتصدى بأمره لتحريك عضلات المأمور نحو تحقق المأمور به (2).
الثالث - ما ذكره السيد الخوئي:
وخلاصته: أن الإرادة من الصفات النفسانية، ومن مقولة الكيف القائم بالنفس،