والتزاحم، وهذا ليس دليلا مستقلا، بل هو اختيار أحد الدليلين.
كذا يقال بالنسبة إلى الآية الثانية، مضافا إلى أنها مدحت الذين اتبعوا أحسن ما أنزل إليهم، وهي لا تدل على أن " أحسن ما أنزل " ما هو، هل الاستحسان منه أو لا؟ (1).
ثانيا - من السنة:
استدلوا بالسنة بما روي عن عبد الله بن مسعود من أنه قال: " ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ".
وتقريبه بما تقدم في الآيتين.
ورد الاستدلال ببعض ما تقدم وبأن الرواية موقوفة على ابن مسعود ولم يروها عن الرسول (صلى الله عليه وآله)، ومثلها لا حجية فيها، قال ابن حزم:
" واحتجوا في الاستحسان بقول يجري على ألسنتهم، وهو: " ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن "، وهذا لا نعلمه يسند إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من وجه أصلا، وأما الذي لا شك فيه، فإنه لا يوجد البتة في مسند صحيح، وإنما نعرفه عن ابن مسعود " (2) ثم ذكر سنده إليه.
وعلى فرض صحة النسبة فهي تدل على أن ما رآه المسلمون حسنا لا آحادهم، فتكون من أدلة الإجماع (1).
ثالثا - الإجماع:
واستدل المثبتون بإجماع المسلمين على استحسانهم دخول الحمام وشرب الماء من أيدي السقائين من دون تقدير لزمان المكث في الحمامات ومقدار ما يصرف من الماء ونحو ذلك.
وأجيب: بأن الإجماع - إن تم - فإنما هو قائم على هذه الأحكام بالخصوص لا على استحسانها، فضلا عن قيامه على كل استحسان، ولا أقل من اقتصاره على هذه الموارد بحكم كونه من الأدلة اللبية التي يقتصر فيها على القدر المتيقن (2).
والظاهر أن هذه الأمور مما قامت عليها السيرة المستمرة إلى زمن النبي (صلى الله عليه وآله) مع علمه وتقريره لها، فيكون الدليل عليها هو تقرير النبي (صلى الله عليه وآله) كما قال الآمدي (3).
حجة النفاة للاستحسان:
قلنا: إن النفاة للاستحسان هم: الشافعية، والظاهرية، والزيدية، وفيما يلي ننقل عن كل منهم ما يناسب الموضوع باختصار ومن دون تعليق: