توبة المرتد:
لا خلاف - ظاهرا - في قبول توبة المرتد الملي، والمرتدة الملية، فإن توبتهما تقبل ظاهرا وباطنا، بمعنى أنه تترتب عليهما أحكام الإسلام بحسب الظاهر، ويغفر لهما ويدخلان الجنة إن كانت توبتهما واقعية.
نعم، اختلف الفقهاء في قبول توبة المرتد الفطري، وأهم الأقوال فيه خمسة:
الأول - عدم القبول مطلقا، لا ظاهرا ولا باطنا، وهذا القول هو المعروف بين المتقدمين على الشهيد الأول، فإن كلامهم وإن لم يكن صريحا في ذلك إلا أنه ظاهر فيه، كالشيخ (1)، وابن إدريس (2)، والمحقق (3)، والعلامة (4) وغيرهم كبعض من تأخر عن الشهيد الأول (5)، بل نسب هذا القول إلى المشهور (6)، تمسكا منهم بظواهر بعض النصوص الدالة على ذلك، مثل موثقة عمار، قال: " سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام وجحد محمدا (صلى الله عليه وآله) نبوته وكذبه، فإن دمه مباح لمن سمع ذلك منه، وامرأته بائنة منه يوم ارتد، ويقسم ماله على ورثته، وتعتد امرأته عدة المتوفى عنها زوجها، وعلى الإمام أن يقتله ولا يستتيبه " (1).
الثاني - القبول مطلقا، وهو المشهور عن ابن الجنيد، فإنه اشتهر عنه القول بقبول توبة المرتد مطلقا، مليا كان أو فطريا، ورجلا كان أو امرأة، ظاهرا وباطنا، وبالنسبة إلى جميع الأحكام (2).
الثالث - التفصيل بين الأحكام المنصوص عليها: كوجوب قتله، وبينونة زوجته، واعتدادها عدة الوفاة، وتقسيم أمواله فلا تقبل توبته فيها، وغيرها فتقبل فيه، بمعنى أنه تصح عباداته ويطهر بدنه ويملك ما يكتسبه - بعد التوبة - ويجوز له نكاح المسلمة ونحو ذلك، إلا أنه يجب على الحاكم إجراء حد المرتد - وهو القتل - عليه، وأنه تبين منه زوجته، وتعتد عدة المتوفى عنها زوجها، وتقسم أمواله بين ورثته، فلا ترتفع هذه الأحكام بالتوبة.
وحجة القائلين بالتفصيل، هي: الجمع بين الروايات الدالة على عدم قبول التوبة من المرتد الفطري، والعمومات والإطلاقات الدالة على قبول