وبعبارة أخرى: إن إرادته - تعالى - إذا تعلقت بفعل نفسه لم تتخلف، وأما إذا تعلقت بفعل غيره - أي بصدور فعل من غيره كما في موارد التشريع - فهي منوطة بصدور ذلك الفعل عن هذا الغير - وهو المكلف - عن اختيار، فإن أراد يتحقق، وإلا فلا (1).
نظرية القائلين بالتعدد من الإمامية:
قلنا: ذهب بعض الإمامية إلى القول بتعدد الطلب والإرادة، منهم: المحقق الخوانساري (2)، والسيد الأعرجي - صاحب المحصول (3) -، والشيخ محمد تقي - صاحب الحاشية على المعالم (4) -، والمحقق النائيني (5)، والمحقق الإصفهاني (6)، والسيد الخوئي (7).
ولكل منهم توجيهه، وإنما نشير إلى بعضها:
الأول - ما أفاده المحقق الإصفهاني:
وحاصله: أن البحث في الموضوع يختلف باختلاف كيفية الرؤية إليها، فإنه قابل لأن يبحث فيه من زاوية لغوية، أو كلامية، أو أصولية (8).
فإذا نظرنا إليه نظرة لغوية، فأغلب الظن أن الطلب عنوان لمظهر الإرادة بقول أو فعل، كما يظهر من قولهم: طلبت زيدا فما وجدته، فإن الطلب - هنا - عنوان لفعله الخارجي، وليس المراد أنه أراده قلبا فحسب ولم يطلبه خارجا (1).
وإذا نظرنا إليها نظرة عقلية وكلامية، فيقع الكلام في ثبوت صفة نفسانية، أو فعل نفساني في مقابل الإرادة، عند الأمر بشئ.
والحق: إمكان ذلك، لكن لا يكون كلاما نفسيا مدلولا عليه بالكلام اللفظي (2).
والوجدان الصحيح شاهد على وجود النسبة الخبرية في نفس الإنسان وإن لم ينظر إلى ما يطابق هذه النسبة في الخارج، وهذه النسبة مخلوقة للنفس، ووجودها وجود نوري، وهي ما تسمى بحديث النفس.
وهذا الوجود النوري غير قابل لأن يقع مدلولا للكلام اللفظي، لأن ذلك شأن الماهيات، لا الوجود الحقيقي سواء كان عينيا أو إدراكيا (3).
وأما إذا نظرنا إليها نظرة أصولية، فيقع البحث في أن مدلول صيغة " إفعل " وأشباهها ماذا؟
هل هو الطلب أو الإرادة أو أمر آخر؟
والتحقيق: أن مدلولها هو بعث المأمور