المعنى اللغوي، ومنه قول أبي عبد الله (عليه السلام) في رواية مسعدة بن صدقة:
" كل شئ هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه، فتدعه من قبل نفسك، وذلك مثل الثوب يكون قد اشتريته وهو سرقة... والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة " (1).
وقال السيد الخوئي معلقا على الرواية:
"... فإن المراد بالبينة هي مطلق الحجة الشرعية، في قبال الاستبانة التي هي بمعنى الوضوح بالعلم الوجداني... " (2).
الأحكام:
تقدم أن الاستبانة والتبين بمعنى واحد، وما جاء في الفقه بعنوان التبين أكثر مما جاء بعنوان الاستبانة بكثير، ونحن نكتفي - هنا - بذكر ما ورد بعنوان الاستبانة، ونحيل ما ورد بعنوان التبين إلى موضعه.
1 - اشتراط استبانة النجاسة في تنجس الماء بالدم:
اختلف الفقهاء في تنجس الماء القليل بالدم القليل غير القابل للرؤية، فقد ذهب الشيخ إلى عدم تنجسه، وربما مال إليه بعضهم (1)، والمشهور قائلون بنجاسته، قال الشيخ بالنسبة إلى الماء القليل:
" وذلك ينجس بكل نجاسة تحصل فيها، قليلة كانت النجاسة أو كثيرة، تغيرت أوصافها أو لم تتغير، إلا ما لا يمكن التحرز منه، مثل رؤوس الإبر من الدم وغيره، فإنه معفو عنه، لأنه لا يمكن التحرز منه " (2).
ومستنده صحيحة علي بن جعفر (عليه السلام) عن أخيه موسى (عليه السلام)، قال: " سألته عن رجل امتخط فصار بعض ذلك الدم قطرا صغارا، فأصاب إناءه، هل يصلح الوضوء منه؟ فقال: إن لم يكن شئ يستبين في الماء فلا بأس، وإن كان شيئا بينا فلا تتوضأ منه " (3).
لكن حمل المشهور الصحيحة على ما إذا علم بإصابة الدم الإناء لكنه شك في إصابته الماء، قال الشهيد الثاني في المسالك بعد ذكر الرواية: " ويحمل على الشك في إصابة الماء مع تيقن إصابة الإناء كما هو ظاهر الرواية، ويكون التعبير بالاستبانة وعدمها بمعنى تحقق وصول الدم الماء وعدمه " (4).