ومن قال باتحادهما نظر إلى المعنى الحقيقي والإنشائي لهما، فالطلب الحقيقي والإرادة الحقيقية بمعنى واحد كما تقدم، كما أن الإنشائي فيهما كذلك أيضا (1).
لكن بعضهم لم يرتض هذه المصالحة، لأن النزاع أعمق من ذلك (2).
وهناك أمور أخرى تتعلق بالإرادة يراجع فيها العناوين: " اختيار "، " استعمال "، " قصد "، " نية ".
مظان البحث:
الموطن الأصلي للبحث عن هذا الموضوع في علم الأصول هو أول بحث الأوامر، وللمحقق الخراساني بحث عن الإرادة في موضوع التجري أيضا.
ارتكاز لغة:
من " ركز "، يقال: ركزت الرمح، أي: غرزته في الأرض، وركز شيئا في شئ: أقره وأثبته فيه، ولذلك يقال للمعدن: " ركاز " لأنه ثابت ومستقر في باطن الأرض، ويقال للثابت في العقول: مركوز فيها (1).
والارتكازي: الأمر المركوز في العقول.
اصطلاحا:
تمهيدا لمعرفة المعنى الاصطلاحي للارتكاز لا بد من بيان عدة أمور، لأن الأصوليين لم يبحثوا في ذلك وإن اعتبروه من الأدلة - إجمالا - في كتبهم الفقهية والأصولية:
أولا - المعنى الإجمالي للارتكاز:
معنى الارتكاز إجمالا هو ثبوت مفهوم خاص في ذهن طائفة من الناس أو أغلبهم أو كلهم.
مثل: ارتكاز أن الاثنين أكثر من الواحد، وأن خبر الثقة مما يعتمد عليه عند الناس كافة، وارتكاز حرمة القرآن والكعبة عند المسلمين قاطبة، وحرمة الأئمة (عليهم السلام) عند الإمامية.
ثانيا - منشأ الارتكاز:
يمكن أن يكون منشأ الارتكاز أحد الأمرين التاليين:
1 - الفطرة والغريزة:
هناك أمور فطرية وغريزية مركوزة في أذهان جميع أفراد الإنسان، قال الشيخ الطوسي: