الموسوعة الفقهية الميسرة - الشيخ محمد علي الأنصاري - ج ٢ - الصفحة ١٤٣
الكلام عند الفقهاء في أنه لو عصى المكلف - في هذه الصورة - ولم يقدم الإزالة، بل قدم الصلاة مع أنها ليست فورية، لعدم ضيق وقتها، فهل تكون صلاته صحيحة أو لا؟
وهذه المسألة طويلة الذيل حتى جعلها الأصوليون إحدى ثمرات مسألة " الضد "، ونحن نكتفي - هنا - بالإشارة الإجمالية إلى أصل الموضوع ونحيل البحث التفصيلي على مظانه، فنقول:
1 - إذا التزمنا في مسألة " الضد " بأن الأمر بالشئ يقتضي النهي عن ضده الخاص (1)، والتزمنا بأن النهي عن العبادة موجب لفسادها، فلا مناص من الالتزام ببطلان الصلاة في هذه الصورة (2).
2 - وإذا لم نلتزم المسألتين معا - سواء التزمنا إحداهما، أو لا - فالصلاة تقع صحيحة، لأن مع عدم النهي عن الصلاة، أو عدم اقتضائه للفساد مع فرض وجوده، لا وجه لفسادها (3).
3 - لكن نقل عن الشيخ البهائي (1) إشكال يمنع عن الالتزام بصحة الصلاة في هذا الفرض أيضا، وحاصله:
أن الصلاة وإن لم تكن منهيا عنها (2)، إلا أنه لا أمر بها أيضا، لأنه لا يعقل أن تكون مأمورا بها مع وجود الأمر بالإزالة.
هذا، وقد ذكرت عدة وجوه وطرق للتخلص من الإشكال، نشير إليها على نحو الإجمال:
الطريق الأول - قصد الأمر بالجامع:
وخلاصة هذا الطريق - وهو منسوب إلى المحقق الثاني (3) - هو: أنه لا مانع من الالتزام بوجود

(١) الضد الخاص هو كل فعل ينافي فعلا آخر، كالأكل والنوم والاشتغال بعمل آخر بالنسبة إلى الصلاة. ويقابله الضد العام، وهو مطلق ترك الفعل سواء اشتغل بفعل آخر أو لا.
(٢) أنظر على سبيل المثال: كفاية الأصول: ١٣٣، الأمر الرابع من مسألة " الضد " حول ثمرة المسألة، ومحاضرات في أصول الفقه ٣: ٥٠، ومنتهى الدراية ٢: ٤٦٣، وبحوث في علم الأصول ٢: ٣١٩، والتنقيح ٢: ٢٨٤.
(٣) راجع المصادر المتقدمة.
(١) زبدة الأصول (الحجرية): ٨٢، وانظر كفاية الأصول:
١٣٣
، والموجود في الزبدة هو بهذا المضمون: أنه لو أبدل في موضوع " الأمر بالشئ يقتضي النهي عن ضده الخاص أو لا " بالعبارة التالية لكان أقرب، بأن يقال:
" الأمر بالشئ يقتضي عدم الأمر بضده الخاص أو لا ".
(٢) إن الشيخ البهائي بصدد أن يقول بأن الصلاة باطلة وإن لم نقل باقتضاء الأمر بالشئ النهي عن ضده الخاص، لأن مع الأمر بأحد الضدين لا أمر بالضد الآخر، وعدم الأمر كاف لعدم صحة العبادة ولا حاجة إلى النهي، ووجه عدم الأمر هو المنافاة بين الأمر بالصلاة مع الأمر بالإزالة.
(٣) أنظر: محاضرات في أصول الفقه ٣: ٥٢ - ٥٣، وبحوث في علم الأصول ٢: ٣١٩ - ٣٢٠، أصول الفقه (للمظفر) ١: ٢٧٣، وانظر كلام المحقق الكركي في جامع المقاصد ٥:
١٢
- 14، فإن الجواب استفيد من كلامه، لا أنه كان بصدد الإجابة عن إشكال الشيخ البهائي لتقدم الكركي عليه.
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست