مفاد الأخبار " (1).
وعرفه السيد الخوئي بناء على كونه من الأمارات المفيدة للظن النوعي - كخبر الثقة - بأنه:
" كون الحكم متيقنا في الآن السابق مشكوك البقاء في الآن اللاحق " فإن كون الحكم متيقنا في الآن السابق أمارة على بقائه، ومفيد للظن النوعي في البقاء.
أما بناء على كونه مفيدا للظن الشخصي - كالظن في تشخيص القبلة - فعرفه بأنه: " الظن ببقاء حكم يقيني الحصول في الآن السابق مشكوك البقاء في الآن اللاحق ".
وأما بناء على كونه من الأصول العملية فعرفه بأنه: " حكم الشارع ببقاء اليقين في ظرف الشك من حيث الجري العملي " (2).
تأريخ الاستصحاب:
إذا أخذنا بعين الاعتبار الروايات الدالة على مفاد الاستصحاب، فيكون بدء تأريخ مفاد الاستصحاب من زمن الأئمة (عليهم السلام) - وهو زمن صدور الروايات - وإن لم يصطلح عليه فيها عنوان الاستصحاب.
وأما لو غضضنا النظر عن ذلك، وجعلنا المقياس الكتب الأصولية، فأول نص أصولي عثرنا عليه يتضمن الكلام حول الاستصحاب: هو ما ورد في رسالة الشيخ المفيد الأصولية المختصرة التي ذكرها تلميذه الكراجكي في كنز الفوائد، حيث قال:
" والحكم باستصحاب الحال واجب، لأن حكم الحال يثبت باليقين، وما ثبت فلن يجوز الانتقال عنه إلا بواضح الدليل " (1).
وتبعه تلميذاه السيد المرتضى والشيخ الطوسي، فتعرضا له - في كتابيهما الأصوليين:
الذريعة، والعدة - بصورة أوسع، لكن نفى السيد المرتضى حجيته، فقال: " وأما استصحاب الحال فعند التحقيق لا يرجع المتعلق بها إلا إلى أنه أثبت حكما بغير دليل " (2)، وأثبته الشيخ الطوسي في نهاية بحثه، حيث قال: "... والذي يمكن أن ينصر به طريقة استصحاب الحال: ما أومأنا إليه من أن يقال: لو كانت الحالة الثانية مغيرة للحكم الأول، لكان على ذلك دليل، وإذا تتبعنا جميع الأدلة فلم نجد فيها ما يدل على أن الحالة الثانية مخالفة للحالة الأولى، دل على أن حكم الحالة الأولى باق على ما كان " (3). وقال في مقدمة الخلاف مبينا طريقته:
" وأن أقرن كل مسألة بدليل نحتج به على من خالفنا موجب للعلم من: ظاهر قرآن، أو سنة مقطوع بها،