الفاعل.
هذا ما اختاره المحقق الإصفهاني، حيث قال معلقا على كلام صاحب الكفاية - المتقدم -:
" لا يخفى عليك أن نفي العلية عن العلل الشرعية وجعلها معرفات، إن أريد منه نفي الاقتضاء والتأثير - كما هو ظاهر لفظ " السبب " - فهو حق، بداهة أن التكاليف والاعتبارات الشرعية كلها قائمة بالشارع قيام الفعل بفاعله، لا أنها قائمة بشئ قيام المقتضى بالمقتضي حتى يمكن جعل ما يسمى عللا وأسبابا مقتضيات لها.
وإن أريد نفي العلية بقول مطلق - حتى الشرطية الراجعة إلى تصحيح فاعلية الفاعل، وتتميم قابلية القابل - فلا وجه له، إذ كما أن القدرة والإرادة والشعور مصححة لفاعلية الفاعل، ومخرجة لها من القوة إلى الفعل، كذلك الجهات الموجبة لاتصاف الفعل بالمصلحة والدخيلة في ترتب فائدته عليه، متممة لقابلية الفعل لتعلق الإرادة به، ولا مانع من كون المسمى بالسبب والعلة في الشرع من هذا القبيل، وليس إلى منعه سبيل " (1).
الخامس - الأسباب الشرعية كالأسباب العقلية من حيث عدم تأخر مسبباتها عنها:
ذهب إليه المحقق النائيني، حيث قال في مسألة تداخل الأسباب: " إن قضية كون الأسباب الشرعية معرفات أو مؤثرات مما لا محصل لها، فإنه إن كان المراد من الأسباب الشرعية هي موضوعات التكاليف، فدعوى كونها مؤثرة أو معرفة مما لا ترجع إلى محصل، لأن موضوع التكليف ليس بمؤثر ولا معرف إلا إذا كان المراد من المؤثر عدم تخلف الأثر عنه، فيستقيم، لأن الحكم لا يتخلف عن موضوعه، إلا أن إطلاق " المؤثر " على هذا الوجه مما لا يخلو عن مسامحة.
وإن كان المراد من الأسباب المصالح والمفاسد فهي مؤثرة باعتبار، [أي:] من حيث تبعية الأحكام لها، ومعرفة باعتبار [أي:] من حيث إنها لا تقتضي الاطراد والانعكاس. كما هو شأن الحكمة إن كان المراد من المعرف هذا المعنى، أي: عدم الاطراد والانعكاس " (1).
ويظهر من تلميذه السيد الخوئي أنه يرى هذا الرأي أيضا، حيث قال في مسألة اجتماع خيار الحيوان وخيار المجلس ودفع إشكال اجتماع سببين على مسبب واحد:
"... لو كان غرضهم من كون الأمر الخارجي سببا [سببا] اصطلاحيا أو معرفا، فهو باطل من أصله.
وإن كان غرضهم من كون الأمور الخارجية سببا للحكم الشرعي هو أن يكون موضوعا له تمام الموضوع، كالنجاسة والطهارة، بأن يكون نسبة