قالوا: إن الاستصلاح هو: " العمل بمقتضى المصالح المرسلة إذا لم يصادم نصا " (1)، أو هو: " بناء الحكم على المصلحة المرسلة " (2).
واختلفوا في تعريف " المصلحة المرسلة ":
1 - فقيل: " إنها ما لا تستند إلى أصل كلي ولا جزئي " (3).
2 - وقيل: " إنها كل منفعة داخلة في مقاصد الشرع دون أن يكون لها شاهد بالاعتبار أو الإلغاء " (4).
3 - وقيل: " إنها المصلحة التي لا نص على اعتبارها، ولا على منعها من الشارع " (5).
وقريب من هذا المعنى تفسير المحقق الحلي والمحقق القمي - من فقهائنا - للمصلحة المرسلة (6)، فإنهما قسما المصلحة إلى معتبرة، وملغاة، ومرسلة، فالمرسلة هي التي لم يعتبرها الشارع ولم يلغها.
هذا، وقد وهم بعضهم (7) فحسب أن الاستصلاح والمصالح المرسلة كالمترادفين، وهو خطأ كما يظهر مما تقدم (1).
مراتب المصلحة:
ذكر الأصوليون من العامة - تمهيدا لما يجري فيه الاستصلاح - أنواع المصلحة فحصروها في ثلاثة، وهي:
أولا - الضروري:
وهو المتضمن لحفظ مقصود من المقاصد الخمسة التي لم تختلف فيها الشرائع، بل هي مطبقة على حفظها، وهي: حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل (2).
قال الغزالي: " وهذه الأصول الخمسة حفظها واقع في رتبة الضروريات، فهي أقوى المراتب في المصالح، ومثاله: قضاء الشرع بقتل الكافر المضل، وعقوبة المبتدع الداعي إلى بدعته، فإن هذا يفوت على الخلق دينهم، وقضاؤه بإيجاب القصاص، إذ به حفظ النفوس، وإيجاب حد الشرب، إذ به حفظ العقول التي هي ملاك التكليف، وإيجاب حد الزنا، إذ به حفظ النسل والأنساب، وإيجاب زجر الغصاب والسراق، إذ به يحصل حفظ الأموال التي هي معاش الخلق وهم مضطرون إليها ". ثم قال: