ويظهر من فقهاء آخرين اختيار هذا الرأي وإن لم يصرحوا به، منهم:
1 - صاحب الجواهر: فإنه قال: " الظاهر جريانها (1) مجرى العلل الحقيقية حتى يعلم خلافه " (2).
وشبه الأسباب الشرعية بالأسباب العقلية في عدة مواطن، كما نفى التشبيه بينهما في مواطن أخرى، كما سنشير إلى بعضها.
2 - المحقق العراقي: حيث قال في مسألة التداخل: " إن حال العلل والأسباب الشرعية من هذه الجهة إنما هو كالعلل والأسباب التكوينية العقلية، فكما أن قضية السببية والمؤثرية الفعلية في العلل التكوينية لا تختص بصرف الوجود المنطبق على أول وجود، بل جار في الوجود الساري في ضمن الأفراد المتعاقبة، ومع فرض قابلية المحل يكون كل وجود منه مؤثرا فعليا - كما في النار - حيث إن كل وجود منها كانت مؤثرة في الإحراق، كذلك الأمر في العلل الشرعية... " (3).
لكن إسناد هذا الرأي إليه بمجرد هذه العبارة مشكل، لأنه في مقام تشبيه الأسباب الشرعية بالعقلية من جهة خاصة، لا أن بعضها كالعقلية وبعضها معرفات.
نعم، ربما يظهر مما قاله حول الشرط المتأخر - من أن الشروط الشرعية ليست من باب المؤثرية والمتأثرية - حيث نفى كونها كالأسباب العقلية، فإنه قال: " فلا محيص حينئذ - بعد اللتيا والتي - من المصير إلى كون دخل الشرائط في المعلول من قبيل دخل منشأ الاعتبار في الأمر الاعتباري، ودخل ما تقوم به الحدود في المحدود لا من باب المؤثرية والمتأثرية كما لا يخفى " (1).
3 - السيد الحكيم: فإنه قال في رد كون الإجازة ناقلة: "... لكن المرتكزات العرفية تستوجب حمل الأسباب الشرعية على الأسباب العقلية، وكما أن آثار الأسباب العقلية كائنة في زمان أسبابها، كذلك مضمون العقد كائن في زمانه، فكأنه السبب والإجازة دخيلة في سببيته، فالبناء على أنه كائن في زمان الإجازة المتأخرة خلاف الارتكاز المذكور... " (2).
ويؤيده ارتضاؤه تفصيل صاحب الكفاية في كتابه حقائق الأصول (3)، واستبعاد أن يريد الحمل من جميع الجهات.
الرابع - أن الأسباب الشرعية ليست عللا بمعنى المقتضيات:
بل هي علل بمعنى شروط مصححة لفاعلية