لا مزيد فيه، مبين كله منصوص عليه، أو مجمع عليه، فلا معنى لمن استحسن شيئا منه أو من غيره، ولا لمن استقبح أيضا شيئا منه أو من غيره. والحق حق وإن استقبحه الناس، والباطل باطل وإن استحسنه الناس، فصح أن الاستحسان شهوة واتباع للهوى وضلال، وبالله نعوذ من الخذلان " (1).
ثالثا - الزيدية:
المنقول عنهم عدم اعتباره (2)، وقال الشوكاني بعد أن ذكر الآراء في الاستحسان:
"... فعرفت بمجموع ما ذكرنا أن ذكر الاستحسان في بحث مستقل لا فائدة فيه أصلا، لأنه إن كان راجعا إلى الأدلة المتقدمة فهو تكرار، وإن كان خارجا عنها فليس من الشرع في شئ، بل هو من التقول على هذه الشريعة بما لم يكن فيها تارة، وبما يضادها أخرى " (3).
رابعا - الإمامية:
والمعروف بينهم عدم حجيته، لأن بعض ما ذكر من المعاني للاستحسان وإن كان صحيحا في حد ذاته، كالأخذ بأقوى الدليلين إلا أن عده دليلا مستقلا بعنوان الاستحسان غير صحيح، كما أن البعض الآخر مما ذكروه لم يقم دليل على اعتباره وحجيته، وهذا ما يحتاج إلى شئ من التوضيح، وقد قام به السيد محمد تقي الحكيم في الأصول العامة نشير - فيما يلي - إلى خلاصته:
الأول - الاستحسان وأقوى الدليلين:
إن تعريف الاستحسان ب " أقوى الدليلين " يشمل ما كان فيه الدليلان لفظيين أو غير لفظيين، أو أحدهما لفظيا، والآخر غير لفظي.
1 - الاختلاف في الأدلة اللفظية:
والاختلاف في الأدلة اللفظية قد تكون له مناشئ، أهمها:
أ - التزاحم:
ويراد بالتزاحم - هنا - صدور حكمين من الشارع المقدس لا يمكن امتثالهما معا، لعدم قدرة المكلف على ذلك كما هو الغالب، كالأمر بإزالة النجاسة عن المسجد، والأمر بالصلاة في وقت واحد.
وفي هذه الصورة لا بد من الرجوع إلى مرجحات باب التزاحم، وقد ذكر الأصوليون - من الإمامية - هذه المرجحات بتفصيل، وعدوا منها:
- الترجيح بالأهمية، كتقديم الصلاة على أي واجب عبادي لو وقع التزاحم بينهما بحيث لم يمكن الجمع بينهما، وكترجيح إنقاذ النفس المحترمة من الهلاك على غيره من الواجبات حتى الصلاة.
- ترجيح المضيق على الموسع، كترجيح الأمر بإزالة النجاسة عن المسجد على الأمر بالصلاة لو كانت موسعة.